مصائر؛ كونشرتو الهولوكوست والنكبة > مراجعات رواية مصائر؛ كونشرتو الهولوكوست والنكبة > مراجعة Ahmad Ashkaibi

مصائر؛ كونشرتو الهولوكوست والنكبة - ربعي المدهون
أبلغوني عند توفره

مصائر؛ كونشرتو الهولوكوست والنكبة

تأليف (تأليف) 3
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
2

مرة أخرى تخيب البوكر أملي في روايتها الفائزة...وأقل ما يقال عنها أنها لا تستحق الفوز.. فهي فقيرة جدا من الناحية الأدبية.. وأصبح لدي تصور بأن هناك اعتبارات أخرى للجنة التحكيم في البوكر تعتبرها أهم من قوة الرواية الأدبية ... مثل الأيديولوجيات المطروحة فيها... وكذلك الجرأة في التعبير والكثير الكثير من التحرر في اللغة والمعتقدات...

إن ما دفعني لقراءة هذه الرواية "مصائر" ومن قبلها رواية "السيدة من تل أبيب" هو لقاء أجرته إذاعة البي بي سي العربية مع ربعي المدهون في لقاء مع رشا قنديل في برنامجها: بلا حدود.. وسأقوم بوضع رابط ذلك اللقاء في نهاية المراجعة...وأنصح الجميع بالاطلاع على ما دار في ذلك الحوار...

بداية, اسم الرواية أكبر من حجمها.. وكأن الكاتب احتار بين عنوانين فكان منه أن دمجهما معا في عنوان واحد كبير... أكبر بكثير من القيمة الأدبية للرواية...

الكونشيرتو هو نوع من المعزوفات الموسيقية التي يكون الدور الرئيس فيه لآلة موسيقية أو أكثر بينما ترافقها بقية الآلات في المعزوفة في دور مساند...والكونشيرتو تأتي على ثلاثة حركات: الحركة الأولى هي الأطول والأهم ويكون إيقاعها سريعا.. ثم تأتي الحركة الثانية وتكون عادة أبطأ ويغلب عليها الطابع العاطفي.. أما الحركة الثالثة فيبرز فيها دور الآلة الرئيسة في المقطوعة وينفرد بها في العزف دون مرافقة بقية الآلات ويكون إيقاعها أيضا سريعا.. وقد أراد الكاتب في تسميته هذه أن يشابه بأشخاص روايته وأدوارهم فيها وحركتها – أراد أن يشابه النسق الموسيقي للكونشيرتو الكلاسيكية...

لكن المدهون في روايته أضاف حركة رابعة لحركات الكونشيرتو الثلاث وعندما سئل عن ذلك في المقابلة أجاب: أضفت حركة رابعة.. وأنا أعمل عملا أدبيا وأنا حر في هذه الإضافة لأنها تخدم النص

وفي الرواية هو لا يقارن بشكل مباشر بين النكبة والهولوكوست لكنه يقصد كما فهمت من العنوان: ضحاياهما أي العرب والصهاينة..

الرواية تتحدث عن فلسطيني –وليد- يحمل الجنسية البريطانية يعود إلى فلسطين مع زوجته –جولي- عالكاوية الأم البريطانية الأب لتدفن رفات أمها المتوفاة في مسقط رأسها... وخلال هذه الرحلة التي تستمر عشرة أيام يزور الزوجان مناطق مختلف في فلسطين ويصور لنا المدهون هذه المناطق في وضعها الراهن وما آلت إليه .. وهو ما سماه المدهون السياحة الروائية...يعني سياحة للقراء على صفحات روايته لمن حرم زيارة هذه الأماكن الجميلة....

الفلسطيني المغترب عن فلسطين.. يشعر قطعا بالحنين إلى وطنه لكنه أيضا ينظر إليه كقطعة من الحلم يشكلها كيف يشاء.. هو يريد منها الذكريات الجميلة فقط.. ولا يريد الأليمة منها... ولذلك فهو ينقم على كل ما يزعزع الاستقرار ويهدد الأمن.. ويصير يبحث عن الحل السلمي السهل الذي يضمن له سياحة آمنة ولا يعكر صفو تنقلاته وخصوصا عند الحدود..

هو أيضا يناقش المشاكل التي أسفرت عنها تشتت الهوية بين من يحمل الجنسية الإسرائيلية ومن لا يحملها... إذ ينظر النوع الثاني إلى الأول بنوع من الحسد لما تحمله الجنسية من مميزات.. وهو يرى أن الهوية الإسرائيلية مفيدة وأنها هي الوسيلة التي ستمنع اليهود من الاستئثار بأرض فلسطين وخيراتها وجمالها دون الفلسطينيين... لذلك فإنه عندما يطلب الإقامة منهم فهو ((يستجدي حق إقامته في بلده من غرباء استولوا عليه))..والجنسية الإسرائيلية بالنسبة لجنين – ابنة عم وليد – هي : مواطنة وحقوق..

لغة الرواية ضعيفة جدا وتقريبا جميع الحوارات بالعامية الفلسطينية أو العبرية... وهناك بعض الإنجليزية أيضا...والقصة مروية على لسان الراوي إلا أن هناك بعض الفصول والفقرات مروية على لسان جنين ابنة عم وليد..

وفوق ذلك الضعف فالمدهون لم يتخلّ عن الألفاظ النابية في روايته هذه .. بل وزاد عليها إساءة الأدب مع الله عز وجل (صفحة 107) وكل ذلك لا داعي له...و الصور الأدبية شحيحة... لأن الكاتب انشغل بسرد الأحداث وذكر التفاصيل الأثرية للأماكن..

أسلوب السرد لا بأس به... وقد حرص المدهون على منهجيته الخاصة التي شابه فيها الكونشيرتو ذات الحركات الأربع... لكن هناك بعض التكرار في النسق والأحداث... كما أن بعض اللقطات تتشابه مع روايته "السيدة من تل أبيب"..

والمفاجأة في الرواية أن الكاتب يقحم نفسه باسمه الحقيقي فيها كشخصية جانبية لا عمل لها... لكنها تظهر في الخلفية وفي أكثر من مشهد على أنه ذلك الكاتب المعروف "ربعي المدهون"...

ليس بالضرورة أن تعجبنا أيديولوجيات الكاتب وأفكاره لتعجبنا الرواية..وأعتقد أن المدهون قد قدم للقارئ العربي صورة حقيقية واقعية عن بعض ما يحدث في قطاع ال48 من فلسطين المحتلة.. وهذه المشاهد والمشاكل التي تواجه المغتربين فيما يتعلق بالإقامة والعمل في المناطق التي يسيطر عليها اليهود.. هذه كلها من الواقع وتحدث شئنا أم أبينا..... وليس بالضرورة أن تكون كتابات جميع الكتاب الفلسطيننين من النوع الحماسي الذي ينادي بالمقاومة... علينا أن نعي أن هناك قسما كبيرا من الفلسطينيين قد رضوا بالوضع الحالي وهم لا يمانعون أيضا بالمزيد من الاستقرار على شكل التعايش الذي يدعو إليه المدهون..

عندما سئل ربعي المدهون عن كون أدبه من النوع المرتاح كونه من الأدب الفلسطيني في الشتات... قال: أنا لست مقاوما... أنا أذهب إلى الجوهر الإنساني في الصراع... وأنا لا أريد أن أقدم رواية محاربة.. ولا عنتريات ولا قوميات ولا إلى آخره.. ومن خلال هذا الجوهر الإنساني أقدم شخصيات فلسطينة وإسرائيلية وعربية ويهودية...وأقدمها كما هي في الواقع..بحيادية.. لسبب بسيط لأني أريدها أن تتحرك بمعزل عن قمعي الشخصي وتدخلي ككاتب وعندها ستتصرف بموجب سماتها الأساسية؛ فالجندي الإسرائيلي ليس بحاجة إلى تقديمه على أنه عنصري وصهيوني يكفي أن يقدمه الكاتب على حاجز ويرى كيف يتعامل بفظاظة ووقاحة وعنصرية مع الفلسطينيين..

يختم المدهون روايته بالمعضلة التي قامت عليها الرواية... فهو بينما يهم بمغادرة فلسطين يتساءل ماذا بقي له فيها؟ وهل هو فعلا يريد أن يعود ليعيش حياة مشتتة في وطنه أم لا؟..

فيما يلي رابط لقائه مع رشا قنديل في البي بي سي:

https://www.youtube.com/watch?list=PLF614048CA3E017F0&v=pzrZ-mPvVDQ

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق