قد لا تكون رواية آلموت حقيقية بكامل تفاصيلها، لكن الشخصيات التاريخية والأحداث المذكورة من محاولة الأتراك مداهمة قلعة آلموت واغتيال نظام الملك وبناء حسن الصباح لهذه الأسطورة كلها أمور حدثت في القرن الحادي عشر. ما يدهشني فعلا في هذه الرواية ليست فقط قصة آلموت وقدرة حسن الصباح على استيلائه على هذه الأسطورة وتدريبه للفدائيين ومن ثم تأسيسه لفرقة الحشاشين في تلك الفترة، ولكن قدرة الكاتب فلاديمير بارتول، وهو سلوفيني الأصل، على نقلنا لتلك القترة من الزمن ووصفه الحسي للأحداث والأماكن والشخصيات التي وردت في ذلك الوقت تفوق الخيال. لقد أبدع الكاتب في نقل الوقائع والسرد القصصي للرواية. تمنيت لو كان في قدرتي قراءتها باللغة الأصلية التي كتبت فيها هذه الرواية وهي السلوفينية.
تسرد هذه الرواية فترة وجود حسن الصباح في قلعة آلموت الواقعة قي جبال خراسان في إيران سنة 1092. وقصة اعتناقه للمذهب الاسماعيلي ظنا منه انه سيخدمه في بناء أسطورته وإقناع مجموعة من الفدائيين بقدسيته وبامتلاكه مفاتيح الجنة. هذه القصة تشبه جميع القصص والأحداث التاريخية وأيضا ما يحدث في واقعنا الحالي من توظيف للدين من اجل السيطرة على الشعب أو مجموعة من المجاهدين من اجل تحقيق مطالب أو مكاسب شخصية باسم الدين على حساب الآخرين. من يتمعن في أحداث القصة ويقارنها بالواقع وخاصة ما يجري حولنا في الوقت الحالي يرى أن هذا الأمر لا يقتصر فقط على مذهب أو فكر معين. لم تأتي الإسماعيلية بشيء جديد من حيث تحكيم الدين من اجل السيطرة على الناس. نرى ذلك يحدث في جميع الأديان والطوائف والبلدان. لقد صعقتني قصة تصديق الفدائيين لكل ما يقوله أو يأمرهم به شيخ الجبل حسن الصباح بحيث أنهم مستعدين لقتل أنفسهم من أجل الوصول لغاياتهم، لكن نظرة سريعة على التاريخ تذكرنا بأمثال القاعدة وما يفعلونه باسم الدين من اجل بسط السيطرة والنفوذ، احتلال فلسطين وجمع اليهود من كافة أطراف العالم في الأراضي الفلسطينية كونها "ارض الميعاد" في الديانة اليهودية، احتلال العراق وخطاب جورج بوش آنذاك للجنود الأمريكية وتحفيزهم لخدمة الوطن والدين. كل هذه الوقائع ما هي إلا مدلولات عن غسيل الدماغ السائد بين رؤساء الدول والحكام والأمراء والملوك واستخدامهم للدين كأداة للتحكم والسيطرة.
لكن جمال هذه القصة لا يقترن فقط بإمكانية توظيفها للواقع الحالي. يصف الكاتب في هذه الرواية علاقة شيخ الجبل بأميراته و جنوده ووقوع الفدائيين بحب فتيات القلعة، كذلك الطبيعة الخلابة و الغموض الذي يلف قلعة آلموت بما فيها من شخصيات ساحرة. لا يسعني إلا أن أنصح الجميع بقراءتها. ليست لأنها ممتعة للقراءة فقط، لكنها أيضا تفتح إمكانية أكبر لمعرفة المزيد عن الشخصيات المقرونة بحسن الصباح مثل نظام الملك وعمر الخيام وعن حكم السلاجقة وغير ذلك.