من الشائع ان يتجنب الانسان المهدور الحاضر الذي يضعه أمام مأزقه وعجزه عن التعامل معه، إما في الهروب في أحلام اليقظة المستقبلية، أو من خلال الاحتماء بأمجاد الماضي. حين يهرب الإنسان من واقعه صعب الاحتمال في المستقبل فإنه يعيش على مستوى حلم الخلاص بسحر ساحر أو قدرة قادر، أو الزمن الذي لا بد أن ينصفه. إلا أنه في هذه الحالة يتخلى عن مسؤوليته الذاتية في المجابهة والفعل تاركاً الأمر للظروف التي يأمل أن تأتي فيها اللحظة المؤاتية. هنا يتحول الوجود الى حالة انتظار للخلاص تماماً كالمحتاد مادياً والذي يحلم بضربة الحظ التي تغير وضعه من حال الى حال. المهم أن هذا الانتظار هو تعطيل للفعل القادر وحده على تغيير النتائج.
أما الاحتماء بالماضي فهو شائع في اوقات الهزيمة الجماعية. تنكفئ الجماعة إلى العيش في الأمجاد التاريخية، ووهم إمكانية إستعادتها بما يوفر توازناً وجودياً بديلاً. من ذلك ما تعيشه الشعوب المقهورة والمهدورة من إحساس بالاعتزاز والقيمة من خلال الاستغراق في سير البطال الشعبيين،واستعادة أمجاد التاريخ. وبدلاً من التصدي للواقع ومعالجة أوماته وقضاياه تتكاثر المسلسلات التاريخية عى مختلف القنوات التلفزيونية حيث البطولات التي يتفنن الكتاب والمخرجون في إبرازها. ومن خلال مشاهدتها والتعايش معها تجد الجماهير بعض العزاء من خلال استرداد الاعتبار المفقود راهناً واستبداله بالتماهي ببطولات الاجداد.
الإنسان المهدور: دراسة تحليلية نفسية اجتماعية > اقتباسات من كتاب الإنسان المهدور: دراسة تحليلية نفسية اجتماعية > اقتباس
مشاركة من khaled suleiman
، من كتاب