واصلت أمي وهي تنظر للصبي الذي نام بين ذراعيها.
- لم تكن حياتي حرائق كلها، لكنها كانت أيضا هزّات جميلة غيّرت من نظام الحياة. أحببتها فيكم وبكم. كل ما يحدث لنا هو سلسلة من الاختبارات القاسية. منحني الله محمدا الذي تراه بين يدي، لكنه انتزعه مني قبل أن يتمّ دورة السنة الأولى. ولكي لا أموت شجنا، قلت في نفسي ما زلت شابة وسيمنحني الله غيره. الثلاثة الذين جاؤوا بعده كنّ كلّهنّ بنات، خيرة، زوليخا وزهور. لأصبح بين يوم وليلة أم البنات، مضغة على لسان نساء أعمامك. دار أميزار مسكينة خالية. تجيب إلا البنات. غفرت لهنّ كلهنّ عندما وقفت أمام باب الله وفي مواجهة ملاك الرحمة. بعدها منحني الله، حسن وأنت، كبرتما كتوأمين. حسن ولد في يوم ربيعي. كان يشبه الشمس في كل تحوّلاته، وظلّ يضحك من كل شيء. وأنت كنت مأخوذا بالألوان . كنت تفتح عينيك في عزّ الشمس وتبدأ في التسلّي بالألوان التي كانت تدخل الى البؤبؤ. أحيانا كنت تقترب مني وتقول: يمّا افتحي عينيك قليلا في الشمس، وتبدأ في عدّ الألوان: هيمنة اللون الأخضر والأصفر الغامق والبني. لا سواد. تسألني عن سرّ ذلك؟ فأجيبك: الأخضر من أجدادك البربر وجدّك الرّوخو وعمّاتك، كلهم عيونهم خضراء. الصفرة أضحك. لأني لا أجد جوابا يقنعك سوى ما كان يرويه أجدادك أن في سلالتنا شيئا من عيون الذئاب، فورثنا من رماد، صفرة البؤبؤ ودقّة النظر. البنّي لنا في العائلة، أخوالك العامريّون وهم قبائل عربيّة هلاليّة، عيونهم أغلبها بنّي. تضحك أنت كمن حقّق نصرا عظيما ضدّ شكوكه وأسئلته الصعبة.
سيرة المنتهى - عشتها... كما اشتهتني > اقتباسات من رواية سيرة المنتهى - عشتها... كما اشتهتني > اقتباس
مشاركة من المغربية
، من كتاب