سيد مسافر > اقتباسات من رواية سيد مسافر > اقتباس

ما زال شريط الذكريات يُفرغ ما في جعبته وأنا أتفرس في وجه سيد ونظراته البائسة.. وجه أسمر كنجمة خافتة تبحث عن دربها في الظلمات، ملامح من حلم قديم، وابتسامة صخرية تدعو الورود ألا تنفر من الأرض الصلدة.. عيون كبحر هائج بلا شطآن لم تنجح السنون في ترويضه.. ما زال الشارب الخفيف مرسوما على وجهه بألوان باهتة، وشعره الأجعد القصير لوحة سوداء صماء.. هو ما زال بنفس حركاته، يعدل وضع نظارته الطبية على وجهه.. نبض كلماته شجن حائر.. عنفوان التمرد يلتصق بطيبة ملامحه.. مازال على حاله من البساطة في الملبس.. يرتدي بنطالا أسود فضفاضا وقميصا تتداخل مربعاته، لكن ألوانه فقدت بريقها.

منذ خمسة عشر عاما تفرقنا.. بقيت في جامعة حلوان بينما رفض نصيحتي وانتقل لجامعة طنطا باحثا عن ملاذ جديد ربما يعثر على أحلامه.. انقطعت أخباره وتفرقت بيننا السبل، ولم يكن من وسيلة اتصال تربط أواصرنا في زمن لم تكن فيه وسائل الاتصال متاحة هكذا.. لكنه ظلَّ عالقا بوجداني.. في الذاكرة يعيش.. أمل عتيق بأن لقاءً ما سيجمعنا رغم تباعد السنين وتفرق السبل وتشتت الهمم.. الآن يختصر الزمان فواصله ويعود بمكان جديد يجمعنا.. عائدين من بستان الذكريات نحلق في آفاق حاضر أعاد رونق المحبة.. يبعث سعادتنا الفائتة الضائعة في دروب الحياة ودهاليز الماضي.. تبدو سعادة حائرة منهكة من أثر الفراق.. عشاق تلاقوا في زمن بائس أرخى سدوله وما عاد يحمل نبضا.. شوهته مشقة الرحلة..

مشاركة من المغربية ، من كتاب

سيد مسافر

هذا الاقتباس من رواية

سيد مسافر - محمد صلاح زكريا

سيد مسافر

تأليف (تأليف) 0
تحميل الكتاب