إعتاد الأطفال علي رجمه بالأحجار عند مروره ونعته بالشيطان الأصفر.
يمكنك أن تعرفه بسهولة ،.لديه عود رفيع مثني. وشعر كثيف ينبت من منتصف جبهته وينساب للوراء ، حتى أن عليك أن تدقق النظر لترى الحاجبين وتحتها الأعين المصفرة. يميل برأسه للأمام وهو يسير ، فيبدو لنا وكأنه سينكفئ مع كل خطوة. له طريقة غريبة في السير ،لا يمكن معها أن ترى وجهه الضامر ولا عظامه البارزة؛ إلا إذا اقتربت منه في حذر, منخفضا برأسك وأنت تدقق النظر. عندها سترى الحاجبين ، النظرة الجامدة و الفم المقوس لأسفل يعلوه الشارب الخفيف وأسفله الذقن المدببة وستعرف - بما لا يدع مجالا للشك- أنه لا يصدر صوتا في مشيته.
لم يتزوج فلم نعرف مدى عاطفته مع أي مخلوق. في بداية ظهوره كان يمشي في البلدة بقدمين حافيتين ويرتدي سترة مقلوب ياقتها إلى أعلى ، فتخفي جزءًا كبيرًا من رأسه. وكأنه يختبئ من شيء لا نراه . نتذكر هذا اليوم بشدة .سقوط كثيف للمطر لم تشهدة البلدة من قبل . جعل الجميع مشغول بالاختباء .بينما ظل هو يجري في البلدة بطريقة غريبة. وكأن قوة ما تتحكم في جسده محاولاُ حمايه متجر الذهب الذي يملكه . تلك المرة الوحيدة التي شاهدناه فيها يجري .بعدها بأيام استيقظنا في يوم هوائه ثقيل لنجد البلدة بلا أطفال . توقفت حركة البيع والشراء ، وضربت النساء بأيديهن على صدورهن وشققن جيوبهن ، تحلقن لأسابيع في دوائر سوداء يلطمن وجوههن ويبكين حتي أن السائر ليلاً كاد ينزلق من إبتلال الأرض بدموعهن . إكتست بلدتنا بالسواد وسكتت الأصوات حتي أننا خيل إلينا أن الشجر توقف عن الحفيف. لم يُسمع سوي صوت النواح المرير والنهنهة في الأركان . بعدها خرج علينا صانع الذهب ليعرض أن يُبدل قلوبهن الملتاعة بأخري ذهبية وقال وهو يشير إليها :يمكنكم سداد ثمنها على أقساط زهيدة.
مشاركة من هبة بسيوني
، من كتاب