وليس ادل على قدر بلال عند الصحاية والتابعين من ذلك الوجد الذي اختلجت به حناياهم وهو يؤذن لهم في دمشق بعد انقطاعه عن الاذان تلك السنين الطوال.. بكى عمر وبكى معه الشيوخ الاجلاء حتى اخضلت اللحى البيض واضطربت الانفاس التي لا تضطرب في مقام الروع.. ولو بدا لهم انهم يستمعون الى صوت آدمي ينطلق من حنجرة من اللحم والدم لما اختلجو تلك الخلجة ولا تولاهم ما تولاهم يومئذ من الوجد والرهبة.. ولكنهم انصتو لوحي الغيب حين اصغوا اليه.. وقام في افئدتهم انه صوت جدير بمحضر النبي عليه السلام يسمعه معهم كما سمعوه معه آونة من الزمان.. فهم اذن في عليين أو أقرب من عليين.. وهم اذن على مسمع ومشهد من ذات الله جل وعلا وذات النبي عليه السلام في جواره.. وهم اذن أرواح علوية يضيق اللحم والدم بفيضها الالهي فترجف من الوجد وتنكسر الاجساد بالبكاء مغلوبة في عالم الأرواح وآفاق السماء..
رحم الله بلالا.. انه كان داعي السماء ليرفع ابناء الأرض بدعوتها.. وقد رفعتهم في ذلك اليوم الى الأفق الاعلى.. الى الحضرة التي ترتجف فيها الأجساد لأنها غريبة في ذلك الجوار..
مشاركة من Hager Hegazy
، من كتاب