أتأمل الشارع الخالي المسفلت وسط صفنة طويلة لا معنى لها ولا عمق فيها بشفاه متيبسة وأنا أصغي لصوت خالتي أم يعرب وهي تدندن بصوت متهدج يغالبه البكاء أغنية لوحيدة خليل : "ماني صحت يمه أحا جاوين أهلنه/ جاوين/جاوين وين أهلنه" يختلط صوتها برماد الموقد ورذاذ تراب المكان ليداهمني صوت الشاعر عدنان الصائغ في ليل منفاه الطويل معاتبا صاحبة الأغنية :
يا وحيدة
يا وحيدة خليل
ما الذي بقيَ من هذا الوطن بعد أن أفرغوه من العشبِ والثوراتِ والأغاني
قصائدهُ قاحلةٌ بعد أن خمدَ الجميعُ في بيوتهم، أو مقابرهم، وناموا.."
أستدير بظهري صوب المزرعة الضاجّة بحركة اللائذين وأنا أرقب انغمار جلال ويعرب بهلوسات الحديث ليغلق على مسامعي صوت عدنان الصائغ المجرّح مرة اخرى وهو يصرخ بكامل وجعه :
أيُّ وطنٍ! - يا إلهي - هذا الذي يطفو على النفطِ والمجاعات..
وعلى الحضارات والانقلاباتِ!
أيُّ وطنٍ؛ لمْ نرَ منه سوى السياطِ والصفّارات!!
مشهد من رواية ( هكذا تكلمت خالتي م يعرب )
مشاركة من اندرو
، من كتاب