ثلاثة أشهر قد مضت منذ رجوعي بعد عزاء والدي.. أحادثها يوميًا.
أشعر بها تريدني بجانبها.. أنا الأقرب إليها والأطيب والأحن كما تخبرني دائمًا.. حاولــت أن أقــاوم فكــرة العــودة إلى مـصـر والاســتقرار هنــاك بجانـب أمـي.. أعلـم جيـدًا أننـي إذا ناقشـت الموضـوع؛ فلـن يكـون ســهلاً قبولــه عنــد بنــاتي..
لا يهمني الآن رأي ماهر، بعد ما حدث بيننا الشهر الماضي..
حاولـت إقنـاع والـدتي أن تـأتي وتزورنـا هنـا في كنـدا لفـرة.. فأكـون قــد أرضيــت جميــع الأطــراف، لكنهــا رفضــت وبشــدة؛ فقــد أتــت لزيارتنـا مرتـان مـع والـدي، ولم تشـعر بالراحـة هنـا على الإطـلاق.
كانـت تقـول لي دائمـًا:
- الجنـة مـن غـير نـاس مـا تنـداس يـا مـي..بيتـي ونـاسي وشـارعي بالدنيـا والـلي فيهـا.
معهـا حـق، بـل ألف حـق، كـم أشـتاق لحينـا.. لشـارعنا.. لذكرياتنا ..
لأهلنـا.. أشـتاق لهويتـي.. لمـن أكون..
يحسـدوننا لمعيشـتنا في كنـدا.. لا يعرفـون كـم هـي شـاقة المعيشـة هنـا، ولا يزيدهـا مشـقة إلا تغـير أبنائنـا علينـا وبرودهـم وقسـوتهم..
يخبروننـا أننـا محظوظـون لتعليـم أبنائنـا هنـا في الغـرب، ولكنهـم لا يعرفـون مـا نخـره مقابـل ذلـك التعليـم..
يعجـب النـاس بالثلـوج وجمـال منظرهـا الأبيـض النقـي الـراق في الصـور الطبيعيـة، ولكنهـم لا يعرفـون مشـقة السـير في تلـك الثلـوج يوميًـا ذهابًـا وإيابًـا لعملـك وللمـدارس وللتسـوق..
هنـا يتحـول أبناؤنـا إلى مثـل ذلـك المشـهد البـارد.. جمـال خارجـي و قسـوة داخليـة.. تتحـول قلوبهـم لمثـل تلـك الكتـل الجليدية!
مشاركة من sally Al Ali
، من كتاب