❞ إن كان ينظرُ للسماءِ الرَحِيبة المُمتدَّة طوال عمره الماضي، فلا يكون منه إلَّا أن يحدِّق فيها ما بقي مِن أيامه ولو كانت مُجرَّد لحظاتٍ نادرة، وإن كان يعتاد المشيَ على أطراف البحار المُتَّسِعة ويتأمَّل نُطفَ الأمطارِ وهي تنزل على اليابسة حتى يتغذَّى منها شجرُها وسنابلها، فلا يستطِيع في وقتِه القادم أن يُغمض عينيه عنها لحظة واحدة ولو كلَّفته الموت من قلة النوم والطعام، ولا أن يُغلق وعيه ومداركه عن التأمُّل والنَّظر والفحص، حينها ربما يجد أن الإنسان مفقودٌ في السماء والأرض والبريَّة والبحار، لا لأن لم يكُن له البَأْس والإقدام والجرأة، بل لأنه حلَّ مكانهم البطشَ والقهرَ والبَذَاءَة، واعتقدهم قوةَّ لا منفَد لها ولا أمدًا، لكن بمجرد أن يرمق حُمرةَ السماءِ البديعةِ، يجدها تُطعمُه طبيعة الدُنيا الرائقة إن أحس بالشرورِ والضُّر. ❝
مشاركة من Fedaa El Rasole
، من كتاب