في الأيام، السنوات التالية أرهف مسامعه، وشحذ حواسه، واستقبل، أو آمن بأنه استقبل، العديد من الرسائل، منها اثنتان أو ثلاثة على الأقل من أبيه، واحدة أخرى من شادي، ورسالة من مدرس العلوم في مدرسة الإعدادية، الذي قامت بينهما رابطة روحية حين رآه يومًا يعمل بعد المدرسة في محل ترزي صغير أما أمّه فكانت ما تزال هناك، معمّرة في بيت العائلة في المسرّة، توقّع أن رسائلها، بعد عمر طويل، ستحذره من نزلات البرد وأكل الشارع وشر الحاسدين، لكن ما شغل باله، بين الأمل والتمنّي، أن ينتبه أطفاله إلى رسائله في المستقبل، ثم تمنى - بعد تفكير أطول - ألا يحتاجوا إليها، ربما يكتفي بالتلويح لهم، من حين لآخر، عبر أذرع الآخرين.
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب