هب "جرجس" من شروق الشمس يُجهز نفسه وهو يُسرع ويستحث الخطو نحو الكنيسة، كنيسة القديس "مارجرجس" وترك صبيانه يُصلحون الفوضى، حتى أن زوجته اندهشت من لهفته للذهاب إلى القُداس، وفي الطريق تردد كثيرًا هل يسأل "الأنبا مكاريوس" عما شاهده وسمعه بالأمس أم يسكت، وظل مترددًا إلى أن انتهى القداس واستنتج الأنبا سر تواجد جرجس لكنه انتظر أن يبتدره بالكلام فاقترب منه جرجس وقبل يده بأدبٍ جم، ثم ابتدره:
-أبانا!... ثم صمت.
فإذا بالأنباء يسأله:
-خيرٌ يا جرجس، قد سمعت القاهرة كلها بما جرى في مخازنك وكيف أنجاك الرب من شرور المماليك.
غمغم جرجس وأشاح بيده في الهواء ثم قال:
-ما رأيك يا أبانا...
-تكلم يا بنى لا تخفِ شيئًا فقد استنتجت من جلوسك أن هناك أمرٌ ورائك.
قالها الأنبا مكاريوس ثم عبث بلحيته، فتشجع جرجس:
-سيف العدل يا أبانا، سيف العدل.
كررها ثم سكت، وعاد الأنبا للعبث بلحيته الكثة واطرق برأسه كمن تحير بماذا يجيب سائله، ثم رفع وجهه متطلعًا في عينيه:
-كلها دروب الرب يا ولدي.
فسكت جرجس لحظة ثم حك رأسه:
-لم أفهم يا أبانا.
-نحن أدركنا درب الرب بالمحبة وهو أدرك دربه بما رآه مناسبًا له، وفي النهاية كلها دروب الرب
سيرة سيف العدل > اقتباسات من رواية سيرة سيف العدل > اقتباس
مشاركة من محمود هشام
، من كتاب