وعشتَ، لأنَّ يداً إلهية حَمَلَتْكَ من عين العاصفة إلى وادٍ غير ذي زرع وعشتَ في منزلة الصفر، أو أَقلَّ وأكثر عشتَ عصيَّ القلب، قصيَّ الالتفات إلى ما يوجع ويجعل الوجع جهةً، وإلى ما يرجع من صدى أَجراس تضع المكان على أُهبة السفر: من هنا مرت الغجريات المصابات بحُمَّى الرقص والإغواء علَّقن سراويلهن على أغصان الشجر وارتدين العري المتخفِّي في رشاقة الحركة على الخيال وحده أن يرى فضيحة العُرْي في إيمان الفنِّ بذاته المتمنِّعة عن الإفصاح فالغجريات الماهرات بدسِّ البرق في عظام المشاهدين، هُنَّ هُنَّ القادرات على ستر العري بضوء يسطع من نهود ترشح حبيبات ماءٍ يضحك … في كلِّ وَلَدٍ غجريَّةٌ وفي كل غجرية سَفَرٌ مرتجل وفي كل سفر حكاية لا تُروى إلّا بعد اجتياز الذكرى سنَّ الخجل من أَصحابها.
ألهذا حَمَلْتَ الغجر معك كلما افترق المكان عن زمانه، وكلما تشرَّد المكان في سُكَّانه الباحثين عنه في ما تبقَّى من روائح هي الدليل على حسيَّة الروح؟ ألهذا بحثت في النساء الغريبات عن فوضى الجسد في شهوة الغجريات الراقصات على حبال الريح، واصطحبت المعنى الخالي من الزركشة، في الحب، إلى آخر العبث؟
في حضرة الغياب > اقتباسات من كتاب في حضرة الغياب > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب