هل زرتَ فاس من قبل؟
ستشعر بأرواح الذين ماتوا خلْف الأسوار وداخلها تحفّك كالفراش فجأة، وأنت تعبُرُ باب الفتوح يمتلئ صدرُك بأفكار كثيرة وأحاسيس لم تراودك من قبل إنّهُمُ الرّاسِخُونَ إلى الأبد، الباقون معلّقين في كلّ شيءٍ، التّوّاقون للتّجلّي في فوضى الخواطِر مع كلّ زائِرٍ يعبُرُ أبوابَ المدينَةِ إلى ذاكرتِها.
كلا، فاس ليست ككلّ المدن سيدي، ذلك لأنّها بأكثر من روح، وأكثر من وجه، تولي شطر الجنوب فتتلوّنُ برمال الصّحراء، لا بُدّ أن ترى القوافل تفيض بملثمي الوجوه والجِمالَ المُحمّلةِ بالتّبر والملح تجري مجرى الماء في الوادي، تتيمُّم شطرَ الغرب فتلوح قِمَمُ الأطلس بأوشحة الثلجِ البيضاء. تُلامسُ مع كلّ هبّة ريح حرّ بلاد التّكرور الشّاسعة وبردَ جليد أراضي الشّمال.
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب