هل كنت أسير الفراش طوال تلك المدة يا "رمزي"، تواصل صمتك النبيل بقلب معتل مثل مبنى أثري تهدده شروخ وتصدعات؟ هل تطَلَب شفاؤك جراح حضارة مثلك، يُركِب الدعامات ليظل الأثر شامخًا، أم فعلت مثل أبي وتركت نفسك لطبيب عادي ليحدث شقًّا طويلًا في صدرك، تقطعه بالعرض شقوق صغيرة، وتحدث ندبة عظيمة في جسدك، مثل وشم يشبه شريط المترو الذي كنت تتأمله بالساعات؟ هل أهداك الله صورة بديلة، ستراها كلما خلعت قميصك ونظرت في مرآتك، عوضًا عن شريط المترو الذي اجتث من جذوره وحل محله أسفلت أسود؟ أي أسى يحل بي الآن لمجرد أنك أكدت لي أن الذاكرة شرف؟ كم أحتاج إلى أن أفقد جزءًا من الذاكرة، يتضمن فترة "بيت المعمار"، حتى تُمحى معها ذاكرة التليفون ومجموعة "حِفاظ" من على "الواتساب"، ولكيلا أتلقى رسالة مرضك وكروت الورود ودعوات الشفاء التي يرسلها الغرباء، دون مراعاة لأن كل رسالة فأس قوية تذكرني بأن تاريخي الشخصي يرقد أسير سرير معدني بارد. أعترف أنني تمنيت أن يظل الطيران معلقًا لكيلا أواجهك بسري الكبير، أو أن تغيب في أحد مواقعك التراثية ذات الأسماء الغريبة على قائمة "اليونسكو"، وليس أن تصير أنت من يوضع قيد البحث والترميم. ليت الجارة "إيفا" تناولني بعضًا من "الآيريش كوفي" الذي تتناوله وهي تتشمس، فيسكرني خمرهُ كما يفعلون في الأفلام، ويخفف عليَّ ألم اللحظة.
سر العنبر > اقتباسات من رواية سر العنبر > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب