أذعن إليَّ الصيَّاد، خاضعًا. في حين لم يعُد الواقع يذعن إليَّ. فرأيتُ نفسي أرقص عارية في الباحة، وأتقلََّب على الأرض، وأتخلَّى عن سلوك البشر شيئًا فشيئًا. أمَّا أركانچو، فقد خرَّ على الأرض خاشعًا، من دون أن تصدر عنه كلمة واحدة، أو لفتة واحدة. ولمَّا رأيتُه على تلك الحال، هشًّا، أعزل، شعرتُ بأنوثتي أكثر من ذي قبل. وهمستُ بعذب الكلام في سمعه، فذاب في حضني. لم ندرك حتى أنَّ النار قد خبت، إذ اتَّقدت نار أخرى في داخلنا.
وفيما رحتُ أرتدي ثيابي، أخبرتُه بما ترقَّبه طويلًا:
ـ عرِّج عليَّ غدًا في الصباح الباكر. سأهرب معك.
ـ سآتي، أجل. قبل أن يصحو أهل القرية، سأعرِّج عليكِ.
ليلتها، راودني كلُّ ما قد يراود المرء من أحلام. فمكثتُ عند باب حجرتي حتى مطلع الفجر، أعانق الحقيبة بذراعَيَّ. في تلك الحقيبة أودعتُ مستقبلي. في تلك الحقيبة استقرَّت أحلام يقظتي وآمالي جميعًا، وراحت تنتظرني، مطويَّةً ومُرتَّبةً كالثياب.
اعترفات شرسة > اقتباسات من رواية اعترفات شرسة > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب