أذكر البيت جيدًا: بضوئه الخافت وسكونه، والأثاث المختلف عما رأيت في بيت جدي أو أي بيت آخر بالبلد. أثاث قليل، ومساحات خالية كبيرة، وسجاد، ومصابيح في كل الغرف. وردهات طويلة. والبيت يخيم عليه الهدوء، كأنه في ساعة قيلولة مستمرة. النوافذ نصف مغلقة، وفي الخارج أصوات عصافير متفرقة تأتي من الحديقة الصغيرة التي عبرناها داخلين إلى المنزل، وصوت موتور بعيد. جلست أمي على طرف مقعد فخيم، وذهبت أخت كامل تبحث عن شيء. جاءت سيدة أخرى ترتدي طرحة ملونة وتحمل صينية فضية عليها زجاجتا كوكاكولا، نظرت لأمي فأومأت موافقة. انقضضت على زجاجة الكوكاكولا وظللت ممسكة بها في سعادة. في هذه الأثناء، جاء كامل المنياوي وسلم على أمي بحرارة، ثم التفت إليَّ وابتسم ابتسامة عريضة لم أرَ مثلها من قبل. مد يده واستعددت لأن يشدني ويطبع على خدي قبلة لزجة مثلما يفعل الجميع، لكنه بدلًا من ذلك مسح على شعري بيده وربت على كتفي وهو ينظر في عيني باسمًا. أحببته. هكذا. انتهى الأمر، ابتسمت له واستمر هو في الابتسام وسألني إن كنت أحب الكوكاكولا، فخجلت وتواريت خلف أمي. ظللت أختبئ منه في ملابسها حتى بعد أن توقف عن ملاعبتي وانهمك في الحديث مع أمي. ظللت أختبئ وأظهر له علَّه يواصل اللعب معي، وهو يومئ لي من وقت لآخر لكنه يواصل الحديث مع أمي، حتى تضايقت من أمي. ماذا تريد منه؟ لماذا تحادثه كل هذا الوقت؟ أريده أن يلعب معي أنا!
حِكاية فرح > اقتباسات من رواية حِكاية فرح > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب