سريعًا ما سيقُصُّ عليك أحدهم تاريخ الموصليّ، الذي كان صانعَ أعواد، قبل أن يصير إمامًا صوفيًّا في زمن لاحق. سيحكي لكَ كيف شرُفت مدينة الموصل بمولده، تلك التي أنجبت من قبله نبي الله يونس، كما أنجبت أفذاذ الموسيقيين في أزهى عصور الحضارة، لذلك أسماها العرب بالموصل، كونها ملتقًى يوصِل الشرق بالغرب. سيقول لكَ إن أباه كان صانعَ أعواد عُرِف بالمهارة والورع، وسقى ولده الفنَّ والصنعة، كما زكّاه بالإيمان. شَبَّ الصبي «عبادة» على محبة العود والألحان، وابتدع في سنٍّ صغيرة مقامات موسيقية لها العجب، لم يعرفها أهلُ زمانه ولم يُقَم لها وزنٌ في حينها، فقد سادَ في زمانه الوغى والصراخ، واندهس الناس أسفل أحذية جلدية مُلطَّخة بالدماء، وسنابك خيلٍ حادة كالنصال، حيث وافقت تلك الأيام البائسة زحف المغول على الموصل؛ «تيمورلَنك» وأشياعه.
أمطار صيفية > اقتباسات من رواية أمطار صيفية > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب