ومشوا يتحدثون بجمال الحياة القروية، ويتمدحون بعيش العزلة بين سكون الطبيعة وهدوئها، وجمال الكائنات وجلالها، والله يعلم أنه ما من أحدٍ منهم يعلم من نفسه أنه صادق فيما يقول، أو أنه يتمنى لنفسه ذلك الشقاء الذي يحسد الأشقياء عليه، فكان مثلهم في ذلك كمثل أولئك الكتاب المرائين الذين يكتبون الفصول الطوال في مدح الفلاح والتنويه بذكره، والثناء على يده البيضاء في خدمة المجتمع الإنساني، حتى إذا مر ذلك المسكين بأحدهم وأراد أن يمد يده لمصافحته تراجع وكفكف يده ضنًّا بها أن تلوثها بأقذارها تلك اليد السوداء.