[ويمكن تعريف الحضارة في الواقع بأنها جملة العوامل المعنوية والمادية التي تتيح لمجتمع ما أن يوفر لكل عضو فيه جميع الضمانات الإجتماعية اللازمة لتطوره]
[فالفرد يحقق بفضل إرادة وقدرة ليستا نابعتين منه، بل ولا تستطيعان ذلك، وإنما تنبعان من المجتمع، الذي هو جزء منه، وإذا ما ركن لقدرته وحدها وإرادته وحدها فإن هذا الفرد المنعزل والمنقطع عن كل اتصال بجماعته يصبح مجرد قشة صغيرة]
[إذن عندما نلغي الطاقة الحيوية فإننا نهدم المجتمع، وعندما نحررها تحريرا كاملا فإنها تهدم المجتمع، لذلك يجب على الطاقة الحيوية أن تعمل بالضرورة ضمن هذين الحدين]
[الصراع بين الفكرة و الشيء ----> فقدان التوازن في هذا الصراع:
-طغيان الشيء في المجتمعات المعاصرة.
-ندرته في البلاد النامية و الكلف به.
-وفرته في البلاد المتقدمة ووساوسها نحوه تؤديان إلى مواجهة الشيئية بحالة نفسية واحدة.]
[لكن حقبة اليوشاوش تترك لنا مقياسا مفاده أن كل الثوريين المزيفين لا يتوانون عن استعمال سلطة الأشياء و إغرائها ضد الأفكار]
[فكرة أصيلة لا يعني أن تملك فعاليتها الدائمة، وفكرة فعالة ليست بالضرورة صحيحة، و الخلط بين هذين الوجهين يؤدي إلى أحكام خاطئة...
إن الأصالة ذاتية وعينية، و هي مستقلة عن التاريخ، و الفكرة إذ تخرج إلى النور فهي إما صحيحة أو باطلة، وحينما تكون صحيحة فإنها تحتفظ بأصالتها حتى آخر الزمان، لكنها بالمقابل يمكن أن تفقد فعاليتها وهي في طريقها حتى ولو كانت صحيحة، فلفعالية الفكرة تاريخها الذي يبدأ مع لحظة أرخميدس حينما تأتي دفعتها الأصلية لتهز العالم، أو يعتقد فيها نقطة ارتكاز ضرورية لقلب ذلك العالم.]
[في عصر الانتاجية لا يكفي أن نقول الصدق لنكون على حق...
ففي منطق هذا العصر لا يكون إثبات صحة الأفكار بالمستوى الفلسفي أو الأخلاقي، بل بالمستوى العملي: فالأفكار صحيحة إذا هي ضمنت النجاح.]
[وبصفة عامة فإن إمكانات بلد في هذا المستوى هي:
أ- زراعته وهي في حالة بدائية إلى حد ما.
ب- ما يتوفر لديه من مواد أولية في السوق و في باطن الأرض.
ج- طاقة العمل (عدد الأيدي العاملة) التي يمكن تحويلها إلى ساعات عمل فعلية.
هذه الميزانية التحليلة تمثل الطاقة الاقتصادية الكامنة في أي مجتمع تام، كالمجتمع الإسلامي.
وهي تمثل هذه الطاقة في مرحلتين من الإقلاع:
أ-مرحلة الكفاف. ب- مرحلة إقتصاد التطور، أي الإقلاع بمعنى الكلمة، لكن هذه القدرة في حالتها البدائية تمثل الشروط المسبقة الضرورية، غير أنها غير كافية لتوليد الدينامية الاجتماعية، ولأجل تحريك جميع القوى الإنتاجية فإن الأمر يتطلب أكثر من ذلك.
لابد أيضا من مفجر يستطيع إطلاق عجلة هذه القوى، هذا هو دور الخطة، وهو دورها الأساسي، وهو الفرصة الوحيدة التي على المخطط أن يتمسك بها، حتى لا تفشل الخطة.]
[المجتمع الإسلامي يستطيع أن يستعيد فعاليته بأن يضع دفعة واحدة في أساس تخطيطه مسلمة مزدوجة:
أ-كل الأفواه يجب أن تجد قوتها.
ب- جميع الأيدي يجب أن تعمل.]
[ولا يكفي أن نعلن عن قدسية القيم الإسلامية، بل علينا أن نزودها بما يجعلها قادرة على مواجهة روح العصر، وليس المقصود أن نقدم تنازلات إلى الدنيوي على حساب المقدس، ولكن أن نحرر هذا الأخير من بعض الغرور الاكتفائي والذي قد يقضي عليه.
بكلمة واحدة ينبغي العودة ببساطة إلى روح الإسلام نفسها]
[فالمجتمع الإسلامي مدعو لأن يستعيد تقاليده العليا ومعها حس الفعالية. ومن أجل أن يثبت العالم الإسلامي بمنطق العصر بأن أفكاره صحيحة، لا توجد إلا طريقة واحدة، وهي إثبات قدرته على تأمين الخبز اليومي لكل فرد.
فنحن لا نستثمر ما نريد بل ما نستطيع، ولا نستثمر بوسائل الغير إنما بالوسائل التي تقع بالفعل تحت أيدينا.]
[عندئذ سوف لا تكون أفكاره مثقلة بعدم الفعالية، لأن الأيدي سادرة في تحريك عجلة دنياميتها الإجتماعية.
والمدافعون عنه سيأخذون باعتبارهم أنه ليس المطلوب الدفاع عن أصالة الإسلام، بل مجرد إعادة فعاليتها إليه بتحريكهم قواه الانتاجية.]
[حينما يتجاوز مجتمع درجة التحمل، فالثورة هي المفجِّر الأكثر دلالة في وضع النار على البارود، لتحرك عجلة المجتمع نحو قدره، ولكن هل أن دفع القوى بعد إطلاقها نحو طريقها هو كل شيء؟
إن تاريخ الثورات في العالم يظهر كم أن مصيرها هش، وغير مؤكد بعد انطلاقها.]
[فقد يحدث في أكثر من بلد إسلامي أن تجد البلاد نفسها بعد الثورة في الوضع السابق على الثورة، بل ربما أكثر خطورة، بل إنها قد تجد نفسها من جديد في ظل أيديولوجيا يسقط من أجلها الأبطال، ولا يتعرفون على الأفكار التي من أجلها سقطوا، كما لو كانت عجلة الثورة وأفكارها تدور أثناء الثورة اعتبارا من لحظة معينة نحو الوراء.
والغريب في هذه الأوضاع أنها تنمو و تتقدم حتى نهاية الثورة، دون أن يلحظ في الظاهر أي انقلاب في القيم.]
[وفي البلاد الاسلامية قد يولد التطور الثوري منذ يومه الأول على شكل ثورة مضادة مقنعة أطلقت في الوقت المناسب، لتسبق إلى احتلال مراحل استراتيجية قبل أن تحتلها ثورة أخرىأصيلة.
كما يمكن أن ينشأ أيضا في ظل ثورة أصيلة تفسح المجال شيئا فشيئا لثورة مضادة، تستخدم اسمها وصفاتها المنظورة، ووسائلها لتقتلها، وتحل محلها محافظة على المظاهر التي تصبح الستار الذي خلفه يستمر قلب مسار الإطراد في مرحلة ما بعد الثورة.]
إن أساتطة الصراع الفكري يعرفون أن التعامل مع وثن هو أسهل من التعامل مع فكرة، و التابعون لهم من أبناء البلاد هم من الرأي نفسه، يعرفون أن استغلال النفوذ أسهل مع الأشخاص منه مع الفكرة، والجوهري بالنسبة لهؤلاء و أولئك: هو أن لا يدع الإطراد الثوري يتمحور حول فكرة.]
مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي (مشكلات الحضارة) > اقتباسات من كتاب مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي (مشكلات الحضارة) > اقتباس
مشاركة من zaki0fanta
، من كتاب