كانت آرمانوش تعرف، ربما ليس عقلانيًا بل غريزيًا، أن السبب وراء مقاومة عائلة تشكمكجيان لولعها بالكتب شيء أكثر عمقًا من مجرد رغبتهم في تذكيرها بالأشياء التي تنشغل بها الفتيات في عمرها، لا لأنها امرأة فقط، بل لأنها "أرمنية" أيضًا ولا يُتوقع منها أن تكون مولعة بقراءة الكتب، فقد كانت "آرمانوش" تشعر أن اعتراض العمة "فارسينغ" المستمر على قراءتها والذي يشكِّل لها قلقًا أساسيًا إن لك يكن غريزيًا هو الخوف من الفناء! وبكل بساطة لم تكن تريدها أن تكون بارزة ومتميزة عن القطيع، فقد كان الكتَّاب والشعراء والفنانون والمثقفون هم أول من أبيدوا من ملة الأرمن في أواخر الحكم العثماني، ففي البدء تخلصوا من "العقول" ثم بدأوا ينفون الآخرين ـ عامة الناس ـ وشأن عائلات أرمنية كثيرة في الشتات تعيش هنا في خير وسلام، لكن القلق لازال يتملكها، لذلك كانت عائلة "تشكمكجيان" تشعر بالبهجة والغضب معًا عندما ترى أحد أطفالها يقرأ كثيرًا، يفكِّر كثيرًا، ويبتعد عن الأمور العادية والمألوفة ..
لقيطة اسطنبول > اقتباسات من رواية لقيطة اسطنبول > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب