نقلت من جدة إلي استامبول سنة 1930، وهناك أتيح لي أن أرقب من قرب تلك التجربة الخطيرة التي قام بها مصطفي كمال حين حول دولة شرقية إسلامية إلي دولة علمانية حديثة ينفصل فيها الدين عن الدولة، وقد قرأت عن مصطفي كمال كثيرًا والتقيت به أكثر من مرة وربما أتيح لي أن أكتب عنه يومًا.
وفي استامبول ارتديت القبعة لأول مرة، وتعلمت أن للقبعات علمًا وأصولاً، وأن ما يصلح للنهار أو الرحلات لا يصلح للمساء أو السهرة، وأن لكل زي القبعة التي تتناسب معه واضطررت ــ بحكم الوظيفة ــ إلي شراء ستة أنواع مختلفة من القبعات بالإضافة إلي الطربوش.
وبذهابي إلي تركيا، عدت إلي الأرض التي هاجر منها جدي وعثرت هناك علي أقرباء لنا سكنت عندهم، كما تعلمت التركية علي كبر وأتقنتها.. فلم تكن اللغة التركية تستخدم في بيتنا إلا للسباب في لحظات الغضب.. كل ما تعلمته منها في مصر لا يزيد علي كلمات مثل: أدب سيس، خرسيس، سكتر بره.
وبعد أربع سنوات حافلة قضيتها في تركيا نقلت إلي روما، فانتقلت من ديكتاتورية أتاتورك إلي فاشستية موسوليني، وكما تعلمت التركية تعلمت الإيطالية، وأقبلت علي الأدب الإيطالي أغترف منه.
في تلك السنوات بدأ اتصالي المباشر بالحضارة الأوروبية، وأخذت موقف التلميذ في الموسيقي والتصوير والمعارض والمتاحف والمسارح.
كناسة الدكان > اقتباسات من كتاب كناسة الدكان > اقتباس
مشاركة من د.صديق الحكيم
، من كتاب