الأمــر لم يَكن مَحـض صُدفة ولا ضــربة حَــظ أصابت نقطة الهدف ، الأمر كان يحتاج الكثير والكثير من التَـــخلي ! أن تتخلى عن كل الزوائد التي التصقت بك بلا فائدة مع كل شخص وموقف مَـر فيك ومنكَ ، التخلي أصعب أنواع الوعي .
سَتتخلى عن الإجابة عن الكثير من الأسئلة ، عن العلاقات التي لو ضربت بقبضة يدك طاولة واقعك سَـتتناثر فقط كالغبار حولك .
سَتتخلى عن الوقت المبذول الذي ترتب فيه حَـقيبة سفرك فأشيائك بدت واضحة ومعروفة لك ولا تريحك إلا هي .
ستتخلى ، وَستغلق بابك وهَاتفك وأذناك عن كل الضوضاء البشرية ، وسيعجبك صوت الماء المنسكب من الصنبور والستائر التي تهبط وترتفع مع كل هواء يحاول أن يختلس النظر لكَ ، وصوت فتح مغلف بريدي ، قلمك وهو يتحرك فوق الورق ، تقطيع الخضار فوق لوح الطعام ، صنارات الصوف ، ماكنة الخياطة ، ضربة الفرشاة في كأس الماء ، بخاخ الماء على أوراق المزروعات الصغيرة ، لوحة مفاتيح جهازك وأنت تكتب وأزرار جهاز التحكم .
صوت فتح باب الخزانة التي تحوي علبة القهوة ، وصوت مقاعد طاولة الطعام وهي تسحب للوراء وبعد برهة تعود إلى مكانها ، وصوت عدد الاطباق نفسه وأَنتَ ترتبها فوق بعضها لمجموعة مقربة منك تزورك وتشاركك عالمك ، وأصبح يُــلزمك الأمر أن تنفض الغبار عن الأطباق والأكواب في الركن الخلفية من خزانتك ، عندما تحين بعض الأحيان التي لا بد أن تشارك فيها ضوضاء البشر .
ستتخلى إلى أن تصل إلى أن تحفظ صوت خطواتك الأخيرة لسريرك قبل أن تنام ،وزر المصباح ، والصوت الذي يصدر وأنت تتقلب لجهتك اليمين أو اليسار لتنام .
بهذا كله ، فجأة ستكتشف بأنك أصبحت سعيدا بأن تكون وحيدا ، وبأنكَ " تَـتـخلى" .
رُغم أن ما كان يقلقك قبلا هو "هذا "! أنك تحاول أن لا تَـتخلى حتى لا تُصبح وحيدا ! ؟ فتتشبث أكثر وأكثر وتخسر نَفسك مضاعفة أكثر فأكثر .
عندما تصل لهذه المرحلة من الوعي ، ستكتشف أن هناك فرق كبير بين الوحدة والعزلة ، كما الصمت و السكوت ، وبين أن تنظر للحياة من نافذتك ، أو من بابك المفتوح لكل الأشياء والأشخاص من دون أن تُـتقن كَيف
جدائل اللوز > اقتباسات من رواية جدائل اللوز > اقتباس
مشاركة من 2255
، من كتاب