ما أريد ألا تكون أوقات الفراغ طاغية على أوقات العمل، وألا تكون أوقات الفراغ هي صميم الحياة، وأوقات العمل على هامشها، بل أريد — أكثر من ذلك — أن تكون أوقات الفراغ خاضعة لحكم العقل كأوقات العمل، فإننا في العمل نعمل لغاية، فيجب أن نصرف أوقات الفراغ لغاية كذلك، إما لفائدة صحية كالألعاب الرياضية، وإما للذة نفسية كالمطالعات العلمية أو الأدبية.
أما أن تكون الغاية هي قتل الوقت، فليست غاية مشروعة، لأن الوقت هو الحياة، فقتل الوقت قتل الحياة؛ فالذين يصرفون أوقاتهم الطويلة في نرد أو شطرنج لا يعملون لغاية يرتضيها العقل، وكذلك الذين يتسكعون في المقاهي والأندية والطرقات لا يطلبون إلا قتل الوقت كأن الوقت عدو من أعدائهم.مفتاح العلاج لهذه المشكلة الاعتقاد بأن الإنسان يستطيع أن يغير موضوعات حبه وكرهه كما يشاء، ويستطيع أن يغير ذوقه كما يشاء، فيستطيع أن يمرن ذوقه على أشياء لم يكن يتذوقها من قبل، وعلى كراهية أشياء كان يحبها من قبل، ففي استطاعة أغلب الناس — إذا قويت إرادتهم — أن يقسموا أوقات فراغهم إلى ما ينفعهم صحيًّا، وإلى ما ينفعهم عقليًّا.
مشاركة من Wafa Bahri
، من كتاب