بما أن الإسلامويين لا يملكون أية خبرة في إدارة الشؤون العامة، ولم يستطيعوا الوفاء بأي من وعودهم، خصوصا على صعيد السكن والعمل، مما أثّر على شعبيتهم، فإنهم كانوا يتخوّفون من اقتراب الانتخابات التشريعية المتوقعة في آخر حزيران/جوان، من خيبة أمل حادة من طرف منتخبيهم. مع وعي هذا الخطر، أخذ الإسلامويون يعزون إلى السلطة نوايا عرقلة أعمال الجبهة الإسلامية في إدارة البلديات، حتى تنال من شعبيتها (...) أكّد عباسي مدني: «بالحوار سنغيّر النظام، وإذا تراجع الحوار فسيكون الجهاد» وتابع «يا شعب الجزائر، موقفك حاسم. فإما النصر وإما الشهادة باسم الله. هذا العام سيكون عام إقامة الجمهورية الإلهية » (...) يوم الجمعة 24 أيار/ماي، أعلن عبّاسي مدني، لليوم التالي، قيام إضراب عام مفتوح. وكانت أبرز مطالبه: إعادة النظر في التقسيم الإنتخابي، إجراء أنتخابات رئاسية مبكّرة، في وقت واحد، مع الانتخابات التشريعية. وفي الواقع، حسب رؤيته للأمور، لم يكن الأمر يتعلق بإضراب، بل بحملة «تمرد مدني» حتى انهيار الدولة. إن النص –الذي يحدّد الشكل والمراحل والأهداف، ويوضح الأسس الفقهية- الذي وضعه سعيد مخلوفي بعنوان «العصيان المدني، أسسه، أهدافه، وسائله وأساليبه»، كان يجري تداوله سرا قبل ذلك، داخل الجبهة وفي الجوامع، منذ شهر كانون الثاني/جانفي 1991 (...) ليلة 3-4 حزيران/جوان، تدخلت أجهزة الأمن لإخلاء الساحات العامة، فنجم أكثر من عشرة قتلى (...) ردّت الجبهة الإسلامية على هذه الإجراءات بمواصلة الإضراب (...) هكذا تواصل العصيان رسميا. فواضعوا «التعليمات» المذكورة هم: عبّاسي مدني، علي بلحاج وقمر الدين خربان. إنقلب إخلاء الساحات العامة إلى دراما: 95 قتيلا و 481 جريحا (منهم 18 قتيلا و 181 جريحا من قوات الأمن)، دمار 16 مقرا لمؤسسات عامة، تخريب 360 ناقلة وخسارة أكثر من 250 مليار دينار جزائري (...) بدأ المناضلون الذين يفترض بهم الالتحاق بحرب العصابات أو العمل في الخفاء باتخاذ الترتيبات من أجل ذلك. في 12/6/1991، اعتُقل فرنسي اعتنق الإسلام، وبحوزته عدّة أسلحة آلية ومواد متفجرة في صندوق ناقلته. كان قد التقى علي بلحاج إبّان حرب الخليج. وكان قد صرّح بأنه جاء إلى الجزائر ليقاتل إلى جانب الجبهة الإسلامية للإنقاذ ضد «هجمات العلمانيين والملحدين»
مشاركة من Lamine Gharbi
، من كتاب