أود قول شيء عن الخوف. إنه خصم الحياة الوحيد. وحده الخوف يمكن أن يهزم الحياة. إنه عدو ذكي و غدار , لكم أعرف ذلك. إنه عدو لا يتمتع باللياقة, و لا يحترم قانوناً أو ميثاقاً , ولا يرحم. إنه ينقض على نقاط ضعفك , التي لا يجد صعوبة في رصدها. يبدأ دائماً من عقلك . في لحظة تكون شاعراً بالهدوء, و التحكم بالنفس والسعادة . ثم يأتي الشك متنكراً في هيئة شكوك صغيرة , ويتسلل إلى عقلك كجاسوس. الشك يلتقي باللاتصديق, واللاتصديق يحاول طرد الشك. لكن اللاتصديق هو جندي مشاة يفتقر إلى العتاد المناسب. الشك يقضي عليه بسهولة يستحوذ عليك القلق. فيتقدم العقل ليحارب عنك. تستعيد ثقتك بنفسك , لأن العقل مسلح بأحدث الأسلحة. لكن, لذهولك , رغم التكتيكات المتفوقة و بعض الانتصارات التي حققتها , فسرعان ما يهزم عقلك . يتسلل الوهن إليك , تتذبذب. يتضخم قلقك إلى حدود مروعة.
ثم ينتقل الخوف إلى جسمك , المدرك سلفاً بأن هناك أمراً جللاً يجري. تحلق رئتاك كطائر, و تتلوى أمعاؤك كأفعى. الآن يموت لسانك كالأبوسوم , فيما يبدأ فكك بالاصطكاك . تصم أذناك . وتروح عضلاتك ترتعش كمصاب بالملاريا , وترتعد ركبتاك كما لو أنهما ترقصان. ينخطف قلبك بقوة, بينما ترتخي عضلتك العاصرة كثيراً. وكذلك الأمر بالنسبة إلى سائر أعضاء جسمك. كل عضو فيك يتداعى على طريقته. فقط عيناك تظلان تعملان جيداً. إنهما دائمتا التنبه إلى الخوف.
تتخذ قرارات متسرعة. تطرد آخر حليفين لك: الأمل والثقة . هكذا تكون هزمت نفسك بنفسك. يكون الخوف , الذي ليس أكثر من تعبير , قد انتصر عليك.