كذلك شأن أصحاب النفوس الشعرية، يملأ الشعر نفوسهم عزةً وخيلاء، فتملأ العزة وجوههم حياءً وخجلًا، فلا يذلون ولا يضرعون، ولا يجرءون على شيءٍ مما يجرؤ عليه الناس جميعًا كأن تحليقهم الدائم في سماء الخيال وطيرانهم في تلك الأجواء العالية غادين رائحين قد مثل لنفوسهم أنهم يعيشون في ملأ أرفع من الملأ الذي يعيش فيه الناس، فإن عرضت بهم حاجةٌ من الحَاجِّ أبوا وأنفوا أن يسألوها أحدًا من سكان الأرض، ذهابًا بأنفسهم من مواطن الضَّعَة والمهانة، وضنًّا بأديم وجوههم أن يُخْلِقَهُ السؤال، وكذلك يعيشون فقراء، ويموتون بؤساء."