روح > اقتباسات من رواية روح > اقتباس

كامرأةٍ لا تشبه إلّا نفسها، و يشبهها الشّتاء.. كانت تجلس إلى عواصفها الدّاخليّة متجاهلةً كلّ من حولها. تضع يدها برقّة على بطنها كمن تنتظر وليداً... مثبتةً أحداقها إلى فستانها الأسود، و كأنّها تخفي تحته تعويذةً سريّة أو بشرى رسولٍ سماويٍّ بولادةٍ مقدّسة... هناك هي، لم تخرج من جلبابها الأسود، ما تزال تقطن ثنيّاته، تتدثّره وقد طمس سمرة وجهها السّديم... هي لا تحبّ ذاك اللّون، تخاصمت و اللّيل في صبحٍ بعيد.. ترتدي السّواد لأنّه ما تبقى في حديقة ثيابها من ألوان أخرى... رحل الرّبيع بصحبة صديقتها الّتي رحلَت، و أخذ معه كلّ الألوان... هكذا بكثيرٍ من الغرور جمع الألوان في حقيبة يده، أدار ظهره للزّهور و مضى...

لكم كان أنانيّاً ذاك الرّبيع، و هو ينسحب بهدوء.. ليسلّم الكون لغارات الصّقيع..!!

لم تكن تلك المرأة حبلى من رجل، و إنّما كانت حبلى من الأحزان.. كلّ النّساء تنجب أطفالاً عند الولادة. أمّا هي فكانت حبلى بحلمٍ عربيّ أملصَت به الأُمّة. فحملته هي وزراً على ظهرها و طفلاً في بطنها.. ذات عشيّةٍ أجاءها المخاض إلى جذع قلم.. كان ذاك مذ انتصبت الأقلام أشجار نخيل في بيداء حياتها...

مشاركة من Ali Radwan Alassad ، من كتاب

روح

هذا الاقتباس من رواية

روح - هاجر عبد النور

روح

تأليف (تأليف) 5
تحميل الكتاب