ليس لهذا المنظر الكثير حدوثة في مصر إلا تأويل واحد: هو أن مكان الشخصيات فوق المعاني, وإن صغرت تلك وجلت هذه؛ ومن هنا يكذب الرجل ذو المنصب, فيرفع شخصه فوق الفضائل كلها, فيكبر عن أن يكذب فيكون كذبه هو الصدق, فلا ينكر عليه كذبه أي صدقه....! ويخرج من ذلك أن يتقرر في الأمة أن كذب القوة صدق بالقوة!
وعلى هذه القاعدة يقاس غيرها من كل ما يخذل فيه الحق. ومتى كانت الشخصيات فوق المعاني السامية طفقت هذه المعاني تموج موجها محاولة أن تعلو, مكرهة على أن تنزل, فلا تستقيم على جهة ولا تنتظم على طريقة؛ وتقبل بالشيء على موضعه, ثم تكر كرها فتدبر به إلى غير موضعه, فتضل كل طبقة من الأمة بكبرائها, ولا تكون الأمة على هذه الحالة في كل طبقاتها إلا صغارا فوقهم كبارهم؛ وتلك هي تهيئة الأمة طبيعة النفاق يحتمي به الصغير من الكبير, وتنتظم به ألفة الحياة بين الذلة والصولة!
وحي القلم > اقتباسات من كتاب وحي القلم > اقتباس
مشاركة من عبدالله الودعان
، من كتاب