يقول الناس إن الرعب مرض، ويمكنني أن أشهد أن خوفا لا ينقطع قد طغى على تفكيري عدة أعوام الآن أشبه بخوف شبل ينقصه بعض الترويض.
كان اضطرابي غريبًا؛ فلم أتمكن من إقناع نفسي بأن الرجال والنساء الذين كنت أراهم ويملكون سمات بشرية مقنعة ليسوا بشرا حيوانات، أي حيوانات خضعت لتغييرات تجعلهم يظهرون بهيئة بشرية، وأنهم سيبدءون قريبًا في الارتداد وإظهار تلك السمات الحيوانية واحدة تلو الأخرى. لكنني أفضيت بسري إلى رجل ماهر للغاية، وكان يعرف مورو، وبدا عليه ً أنه يصدق قصتي قليلا ً؛ كان متخصصا في الأمراض العقلية، وقد ساعدني كثيرًا.
مع أنني لا أتوقع أنني قد أُشفى تماما من الرعب الذي شهدته على تلك الجزيرة، فذلك الرعب كان حاضرا غالبًا في عقلي الباطن كسحابة بعيدة أو ذكرى وشك غير
واضح. لكن في بعض الأحيان كانت تلك السحابة تتمدد إلى أن تحجب السماء بأكملها، فأنظر حولي إلى غيري من البشر، وأسير بينهم في خوف. أرى وجوها متحمسة وبراقة، وأخرى شاحبة أو خطرة، وغيرها مضطربة أو مخادعة؛ لا يتمتع أي منها بهدوء الروح القويمة. أشعر كما لو أن الحيوان كان يخرج من داخلهم، وأن الانحطاط الذي
شهده سكان جزيرة مورو سيحدث ثانية على نطاق أوسع. أعلم أن ذلك وهم، وأن من ً يبدون أمامي رجالا ونساء هم في الواقع رجال ونساء بالفعل، وسيظلون كذلك إلى الأبد، مخلوقات عاقلة تماما مليئة بالرغبات البشرية والبؤس البسيط، لا تتحكم فيها الغريزةً أو قانون وهمي؛ مخلوقات مختلفة تماما عن البشر الحيوانات. لكنني كنت أنفر منهم ومن نظراتهم الفضولية وتساؤلاتهم ومساعدتهم، وتمنيت أن أبتعد عنهم وأعيش وحيداً.
مشاركة من abd rsh
، من كتاب