الأدب تعبير
والتعبير تُلحظ فيه البواعث قبل أن تُلحظ فيه الغايات.
لماذا يصرخ المعذب المتألم؟
إنه قد يصرخ فيدركه على الصراخ منقذ أو مساعد على التعذيب والإيلام، ولكنه سواء ظفر بهذا أو ذاك إنما صرخ لباعث في نفسه أو جسده، ولم يصرخ لغاية يتوخاها من إسماع صوته.
وقد يُسمَع صوته فيَسعد أو يشقى بانتهائه إلى الآذان، فيتحقق النفع كما يتحقق الضرر غير مقصود.
والتعبير وظيفة لا حيلة فيها، لأنه أثر الحالة التي تقوم بالنفس فتدل عليها بما لديها من وسيلة ناطقة أو صامتة.
ولكنه مع هذا عمل مفيد لا شك في نفعه، لأن الرجل بعد التعبير غيره قبل التعبير، ومن استطاع أن يُعبِّر استطاع أن يفهم نفسه ويفهم ما يريد، واستطاع أن يجمع إليه من يشعرون مثل شعوره ويريدون مثل مراده، ولكنه لا يُعبّر لأجل هذا ولا يكفّ عن التعبير إذا امتنع هذا. فكثيرا ما يُعبِّر فيجمع من حوله الأعداء ويفرق الأصدقاء.
وسؤال السائل : لماذا نعبِّر؟ كسؤاله لماذا نحسّ؟ ولماذا نحيا؟ لأن الحياة مظهران لا ينفصلان : تأثير من الخارج إلى الداخل هو الحس، ورَدّ من الداخل إلى الخارج هو التعبير.....
فإذا بحثنا عن الأدب فلنبحث عن شيئين لا يعنينا بعدهما مزيد وإن وُجِد المزيد : أهناك باعث صحيح؟ أهناك تعبير جميل؟ فإن وجد الباعث والتعبير فقد أدّى الأدب رسالته وبقي على الدنيا أن تستفيد منها إن شاءت.. وهي تستفيد بمشيئتها وبغير مشيئتها من كل عمل يجري على سنة الحياة.