الكتب كالناس؛ منهم السيد الوقور، ومنهم الكيس الظريف، ومنهم الجميل الرائع، والساذج الصادق، والأريب المخطئ، ومنهم الخائن والجاهل والوضيع والخليع. والدنيا تتسع لكل هؤلاء. ولن تكون المكتبة كاملة إلا إذا كانت مثلًا كاملًا للدنيا.
يقول لك المرشدون: اقرأ ما ينفعك. ولكني أقول: بل انتفع مما تقرأ، إذ كيف تعرف ما ينفعك من الكتب قبل قراءته؟
إن القارئ الذي لا يقرأ إلا الكتب المنتقاة كالمريض الذي لا يأكل إلا الأطعمة المنتقاة. يدل ذلك على ضعف المعدة أكثر مما يدل على جودة القابلية.
واعلم أن من الكتب الغث والسمين، وأن السمين يفسد المعدة الضعيفة، وأنه ما من طعام غث إلا والمعدة القوية مستخرجة منه مادة غذاء، ودم حياة وفتاء. فإن كنت ضعيف المعدة فتحامَ السمين كما تتحامى الغث، وإن كنت من ذوي المعدات القوية، فاعلم أن لك من كل طعام غذاء صالحًا.