في مناسبات أخرى، يمكن للصراع أن ينحو نحوا أكثر جذرية، فتأبى الثقافة أن تكشف عن ذخائرها: أرفض أن تُقرأ كتبي، وأن تُترجم، لن تطّلع على أدبي، لن تَتَمكن من كشف كنوزي، وفي مقدمتها النصوص التي أعتبرها مقدسة، فأمنع نقلها إلى لغة أخرى، خارج نطاقي... لماذا هذا الموقف إزاء الترجمة؟ خوفا من أن تُلحِق النسخة الأجنبية الضعفَ بالنص، أو أن تُظهره، على العكس من ذلك، أحسن مما هو عليه، وأن يخرج منها قويّ الشوكة، الأمر الذي قد يترتب عنه أن تفقد اللغة الأصلية طابعها الأساس الذي لا يُعوّض.
هذا النفور من الترجمة لا يلاحظ فحسب عندما يتعلق الأمر بالنصوص الدينية، وإنما حتى بالنصوص الحكمية أو الأدبية في بعض الأحيان. نتذكر أن كتاب كليلة ودمنة كاد ألا يترجم، بما أن رغبة مؤلفه، الفيلسوف الهندي بيدبا، كانت هي الوقوف ضد نقله خارج الهند. ولولا الإصرار الذي أبان عنه الفرس للتعرف عليه وتملكه، لما صار واحدا من أكثر الكتب ترجمة في العالم...
في معظم الأحيان، يكون الوقوف ضد ذيوع الثقافة الخاصة في الوقت نفسه وقوفا ضد ذيوع الثقافة الأجنبية. لن تقرأني، ولن أقرأك. لن تترجمني، ولن أترجمك.
مشاركة من المغربية
، من كتاب