إرادته الحديدية في ترويض تعسفات جسده غير المرغوب فيها، وإجبار هذا الجسد على الوجود ضمن حدود ثابتة يفرضها ذوقه السامي -وذوق لوكريثيا بطريقة ما- بفضل بعض التقنيات في الاجتثاث، والقص، والطرد، والسقي، والدلك، والحلق، والتشذيب، إلى آخره، والتي توصل إلى إتقانها كحرفي يتقن عمله، تعزله عن بقية البشر وتبعث فيه هذا الإحساس الإعجازي -الذي يصل ذروته عندما يجتمع بزوجته في عتمة المخدع- بأنه قد خرج خارج الزمان. بل هو أكثر من إحساس: إنه يقين مادي. لقد كانت خلاياه كلها طليقة في هذه اللحظة -تشاس تشاس تصدر عن شفرتي المقص المفضضتين، تشاس تشاس وتهوي الشعيرات المقصوصة ببطء، بانعدام وزن، متأرجحة في الهواء، تشاس تشاس من أنفه إلى دوامة المغسلة تشاس تشاس- متوقفة، متخلصة من التردي ومن عاديات الزمن. هذه هي الفضيلة السحرية للعمل الطقسي والتي كان البشر البدائيون قد اكتشفوها في فجر التاريخ: تحويل المرء، لبعض اللحظات الأبدية، إلى كينونة نقية. وكان هو قد أعاد اكتشاف هذه الحكمة على انفراد، بجهده وعلى حسابه. وفكر: "إنها طريقة الوقف المؤقت للانحدار الدنيء وعبودية الحضارة، وقناعات القطيع الخسيسة، من أجل الوصول، خلال معترضة قصيرة في اليوم، إلى طبيعة سامية". وفكر: "هذه سلفة من الخلود".
امتداح الخالة > اقتباسات من رواية امتداح الخالة > اقتباس
مشاركة من المغربية
، من كتاب