- أصابه مرضٌ مُشْفٍ أثبتَه في فراشِه أشهرا ، وأحسبُه كان التّيفوئيد ، فما نجا منه إلا وقد تركَ في أعصابه أثرا كان حُبْسَةً في صوتِه ووَقَراً في أذنه من بعد .
- وأخذتِ الأصواتُ تتضاءلُ في مسمعه عاما بعد عام كأنّها صادرةٌ من مكانٍ بعيد ، أو كأنّ متحدّثا يتحدّثُ وهو منطلقٌ يعدُو فإنّ صوتَه لبتضاءل شيئا بعد شيء !
- وفاتتْه لذّة السّامع حين يسمعُ ، فذهب ينشدُ أسبابَ العلم والمعرفةِ ليجدَ لذّةَ المتحدّث حين يتحدّث ، وقال لنفسِه : إذا كان الناسُ يُعجزهم أن يُسمِعُوني فلْيسمعوا مني !
- وكانت علّتُه خيرا عليه وبركةً ، وعرف العلمُ سبيلَه من نافذةٍ واحدةٍ من نوافذ العقل إلى رأسِ هذا الفتى النّحيل الضّاوي الجسد الذي هيّأَتْهُ القدرةُ بأسبابِها والعجزُ بوسائلِه ليكون أديبا من أدباء العربيّةِ في غدٍ !!
[ ، ص : 29 - 31 ]
حياة الرافعي > اقتباسات من كتاب حياة الرافعي > اقتباس
مشاركة من آية
، من كتاب