ذلك الرّجل ( الرّافعي ) الذي لا يتخيّلُه أكثر من لم يرَه إلا شيخا معتجرَ العمامةِ ، مُطلَقَ العذْبَةِ ، مُستَرسلَ اللحيةِ ممّا قرأوا له من بحوثٍ في الدّين ، وآراءٍ في التّصوّف ، وحرصٍ على تراثِ السّلف ، وفطنةٍ في فهمِ القرآن ممّا لا يُدركُه إلا الشيوخ ، بل مما لا يدركُه الشّيوخ !
هذا الذي يكتبُ عن إعجاز القرآن ، وأسرار الإعجاز والبلاغة النّبويّة ، ويصفُ عصرَ النّبوّة ومجالسَ الأئمّة وكأنّه يعيشُ في زمانهم وينقلُ من حديثِهم .
هذا الذي كانت تتصلُ روحُه فيما يكتبُ - من وراء القرون - بروح الغزالي ، والحسن البصري ، وسعيد بن المسيّب فما تشكّ في أنّ كلامَه من كلامهم ، وحديثَه من إلهام أنفسهم !
هذا الذي تقرأ له فتحسبه رجلا من التّاريخ قد فرّ من ماضيه البعيد ، وطوى الزّمانَ القهقرى ليعيش في هذا العصر ، ويصل حياةً جديدةً بحياةٍ كان يحياها منذ ألفِ سنةٍ أو يزيد في عصرٍ بعيدٍ .
هذا الرّجلُ كان عاشقا غلبه [ الحبُّ ] على نفسِه ، وما غلبه على دينِه وخُلُقِه !!
إنّ الحديثَ عن [ حبّ الرّافعيِّ ] لَحديثٌ طويلٌ ؛ فما هي حادثةٌ أرويها وأفرغُ منها ، وحبيبةٍ واحدة أصفُها وأتحدّثُ عنها ، ولكنّها حوادثُ وحبيبات !!
[ ، ص : 93-94 ]
حياة الرافعي > اقتباسات من كتاب حياة الرافعي > اقتباس
مشاركة من آية
، من كتاب