مد آدم يده لرماد الذي تمدد بكل طوله بجانبه. لم يكن يسمع شيئا إلا أنفاسه الطفولية المتقطعة.
فجأة رأى آدم الطفل الذي فيه يغادره ويصطف بجانب رماد، ويركضان بكل قواهما بجنون. ركضا على الثلج طويلا، لكن من الصعب التباري مع رماد، فقد كان دائما هو من يسبق حتى عندما لا يعرف وجهة السباق إلا في آخر لحظة.
صرخ صرخة خرجت مكتومة، لكن الحيرة التي ارتسمت في عيني رماد أحسسته أنه فهمنه جيدا. قبل أن ينسحب، مد يده نحوه مرة أخيرة، وربما كانت الأخيرة أو تراءى له أنها هي الأخيرة. ولكنه تأكد أنه سمعه بكل حواسه، حتى بعينيه الصفراوين.
انتظرني يا رماد، نداءاتك تصلني ولكنها مجروح حتى الأعماق يا سيد السلالة الأولى. أريدك بكلي لأنتمي إليك للمرة الأخيرة، فهل تسمع جرحي وخوفي؟ انتظرني يا ألمي الدفين وحزني العاري وجرحي المفتوح. لقد أخفقت في كل شيء، حتى في أن أكونك كما أنت، سيد الظلال والهضاب الخضراء وقمم الجبال وعمق رماد البراكين. لا تذهب وحدك نحو مدافن الرمال الحارقة، أريد أن أموت معك ونحن في عاصفة واحدة، وجنون أخير، لترمينا عاليا ذرات من غبار الدنيا، في عرض السماوات الفارغة والمبهمة، وليختلط نداؤك الليلي الدائم بعوائي الذي لم يسمعه أحد منذ أربعة عشر قرنا، يوما يوما، شهرا شهرا، سنة سنة، وقرنا قرنا. انتظرني، يا سيد المخلوقات الحرة، لم يبق لي ما أخسره على وجه هذه التربة التي امحت عليها كل آثارنا وتبعثرت في فراغات التيه رفات أجدادنا. انتظرني يا رماد، يا سيد المخلوقات كلها.
مشاركة من sihem cherrad
، من كتاب