رهائن النور والملح
تأليف
محمد سامي البوهي
(تأليف)
لم أكن أتخيل أن يتحول هذا الفنار إلى مئذنة، و يُطلب مني أن أؤذن وأرفع الصلوات، حتى وإن كنت وحيدًا لا ثان لي من البشر، فأنا خليفة الله على تلك البقعة الصغيرة من الأرض المنبثقة من الماء، هكذا أخبرني "نور" وحملني الأمانة التي ما كنت أظن يومًا أن أحمل مثلها أبدًا، لكن إذعاني التام لكل أوامره و تعليماته و توجيهاته، كان يجبرني أن أقبل منه أي شيء؛ لأنني أتيت إلى هنا كي أقبل كل شيء، فجعل مني مؤذنًا، و إمامًا، وعابدًا، و صيادًا، وحطابًا، وطباخًا، و عاملًا يدير ماكينات الفنار الذي تهتدي به السفن البعيدة، وكأنها بلدان ضالة تمر وتلوح لنا وتنادي علينا بأسمائنا و تشكرنا، وتشكره، ثم ترحل لتأتي بلدان أخرى تلوح لنا ثم تشكرنا، وتشكره و ترحل وتأتي أخرى، وأخرى ونحن هنا كما نحن سخرنا الله كي نضئ ظلمة البحر، وعتمة الماضي، وطرق المستقبل، كم هو رائع هذا الشعور الذي يتخمك بالحياة بأفعال بسيطة يقدرها الآخرون في صمت!.