اقتباسات من كتاب صنعة الكتابة

كثيراً ما أرى الكتابة على أنّها ليست إلّا عمليّة يزيل من خلالها المرء جزءاً من نفسه، ليصبح أكثر نحولاً، أكثر عُرياً، وأقلّ حجماً.

في معظم الأحيان، نحن المؤلّفون علينا أن نكرّر أنفسنا — تلك هي الحقيقة. نحن نحظى بتجربتين أو ثلاث تجارب عظيمة ومؤثّرة في حياتنا — وتكون عظمتها وتأثيرها في غاية الشدّة لدرجة أنّنا نعتقد في وقع اللحظة أن أحداً قبلنا لم يشعر بالحصار والانسحاق والانبهار والذهول والإرهاق والانكسار والنجاة والتنوّر والذلّ كما شعرنا نحن من قبلُ قطّ.

‫ ومن ثم نتعلّم حرفتنا، على نحو جيّدٍ أو دون ذلك بقليل، ونروي قصّتين أو ثلاث قصص — وكلّ مرة نكسوها زيّاً جديداً — عشر مرات ربّما، أو مائة مرة، طالما أنّ الناس سيصغون لنا.

هؤلاء الذين يختبرون أنفسهم بحقّ يكتشفون أنّ كّل الأشياء القديمة على صواب.

إنّ الكتب كالأخوة، وأنا طفلٌ وحيد لوالديّ. غاتسبي هو أخي الأكبر الوهمي. آموري(93) Amory هو أخي الأصغر، وآنثوني(94) الأخُ الذي يسبب لي القلق، أما دِك(95) فهو أخي الصالح بعض الشيء، ولكنّهم جميعهم يعيشون بعيداً عن المنزل. يوماً ما، سأتحلّى بالشجاعة وأُنيرُ الضوء الأبيض القديم في منزل قلبي، وعندها…

إنّ الفكرة التي لا نُعبّر عنها هي غالباً صنفٌ من العذاب، رغم أنّ التعبير عنها قد يكون سبباً في ترك فجوةٍ هائلة في استمرارية أفكار المرء.

امتهنتُ هذه المهنة حقيقةً ليس سعياً وراء المال… فأنا أفضّل المعيشة البسيطة وأن أصون المهمّة الوحيدة التي يتّسم بها الكاتب الصادق — أي، أن يكتب عن الحياة كما يراها بأكبر قدرٍ ممكن من السلاسة.

سبيلي الوحيد نحو كتابة قصّة جيّدة هي أن أتصوّر أنّه لن يتقبّلها أحد، دون أن أكثرت لذلك.

قاعدة "السلامة أوّلاً" لا تصلحُ في الفنون.

لا يجب أن تكتب فقط لأنّك تريد أن تتفوّه بشيءٍ ما، بل لأنّ لديك أمراً مهمّاً يجب أن تتحدّث عنه.

إنّ صنع شخصيّة خياليّة يحتاج إلى توليفة متينة من عدّة أشخاص

في الواقع، أرى نفسي سارقاً أدبيّاً محترفاً يسعى بحماسٍ للحصول على أفضل الأساليب من كلّ كاتب يعاصره."

أن تعرف متى يجب أن تتوقّف عن العمل؛ أن تتنبّه إلى نفسك وأنت تتخبّط وتخلقُ مشاكل للآخرين، هي قرارات يجب أن يتّخذها المرء مراراً وتكراراً طالما أنّه على قيد الحياة.

القصص الجيّدة تكتب نفسها تلقائيّاً. أمّا القصص الرديئة، فعليكَ أن تعمل جاهداً على كتابتها…

"الكاتب الحقيقيّ لا يهمل أيّ شيء."

فالكتّاب ليسوا أناساً حقيقةً. إنّ فيهم أشخاصاً كثراً، والبارع منهم فقط يحاول قدر المستطاع أن يكون فرداً واحداً.

إنّنا نظلّ نصارع أكثر سماتنا تميّزاً إلى أن نقترب من سنّ الأربعين. عندها، وبعد فوات الأوان، ندرك أنّها تشكّل جوهرنا الحقيقيّ. تلك هي الذات الصديقة بحقّ التي كان يتعيّن علينا أن نقدّرها ونُحْيِيها.

قال أحدهم يوماً:— وأنا هنا أقتبس على نحو يفتقر إلى الدّقة كليّاً — "إنّ الكاتب الذي لديه القدرة على أن يتبحّرَ أكثر في ثنايا نفسه أو أنفس الآخرين، فيجد بموهبته أشياء لم يرها أحدٌ من قبله أو يتكلّم عنها، يكون قد منح الحياة البشريّة نطاقاً أوسع من ذي قبل".

أن تكون عبقريّاً يعني أن تُنفّذ ما يجوب في ثنايا نفسك. هذا هو التعريف الوحيد للعبقريّة.

كنت أتجنّب الكُتّاب بحذرٍ شديد لأنّ لديهم القدرة على إطالة عمر المصائب أكثر من أيّ أحدٍ آخر…

لقد قدّم لنا جوزيف كونراد تعريفاً واضحاً وجليّاً سَبَقَ به جميع من نعاصره اليوم:

‫ "إنّ المهمّة التي تلقيها على عاتقي سُلطة الكتابة هي أن أجعلك تسمع وتشعر، ولكن قبل كلّ شيء، يجب أن أمنحك البصيرة".