من بعيد ناداني أبي «يا ولا» فلم أرد؛ وانشغلتُ في تتبع الخطوط في جلبابي الكستور العيالي الذي يكسو جسمي، الذي صغر، واستمر أبي يهتف من مكانه: «استعد لتسوق الحلوفة قبل أن تضيع نوبة الري، وتعطش الأرض؛ ونجوع!». أخذت الفرقلة المعلقة على شجرة التوت، ودرت خلف البقرة، أزعق: «عاااه.. عاااه!»، وأفرقع بها في الهواء «طرااق.. طرااق.. طرااق»، أدور وأدور، وعيني معلقة بالسماء، أرى ابن شوقية يطير حرًا؛ أو يلهو بنجمة بين كفيه ينظر إلينا من هناك ويضحك.
يعبر الزمن على دراجة
نبذة عن الكتاب
"لم يدم استسلامي، لأن كرة الشمس أخذت ترتفع عن صدري، ترتفع، ثم يظهر فيها ثقب مضيء أخاذ -أشعر بعيني حية- وحول الثقب دائرة سوداء حولها حلقة ضوء، وتشكلت الشمس كعين حورية وأخذت تصغر، وترتفع، حتى عـــاد الكون أكثر نـــورًا -بالتأكيد- أنا حي، هذه دارنا، هذا بابها ذو الألواح العريضة، ولكن كيف صارت ألواحه أكثر صقلاً ولمعانًا؟ وهذا سلم دارنا، نعم هو، طين وخشب، وهذه جدران الدار، لبناتها، شقوقها، حتى الفواصل بين لبناتها أعرفها، ولكنها أكثر نظافة: ذرات الطمي تبرق كأنما طُليت بمسحوق الزجاج، والدار، كل أشيائها أكثر نظافة، الناس يتحركون بشكل طبيعي، لا أحد يسأل عما حدث، ولا أحد يتكلم كعادتهم عندما ينتهي أثر المصيبة، أمي تعجن، نعم تعجن، عجينها كأنه الحليب، وماجورها يلمع مثل ألواح باب الدار العريضة". يُوقظ حسين منصور ما يمكن وصفه بالكتابة النائمة، التي تسير داخل اللاوعي منتجةً رؤى مضطربة تُترجم في شكل فقرات تتأرجح بين الأحلام والكوابيس. واللافت هنا قدرة الكاتب على رسم الخيال في هيئة كلمات حية، لا يمكن تغييرها، لأنها في موضعها تماما، كصورة لا يمكن استبعاد أي عنصر منها."التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2025
- 123 صفحة
- [ردمك 13] 9789779686172
- بيت الحكمة
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
37 مشاركة