مساءالخير،
اسمي أفنان من غزة،
أفقدتني الحرب وظيفتي أستاذة جامعية،
ومعلقة صوتية ومصممة فيديو،
وبيتي ومكتبي، ومدوناتي ومذكرتي الورقية،
جعلتني خاوية من كل شيء إلا من الكلمات،
لذلك؛
أكتب،
أخرج عن صمتي بعد عام كامل،
أبدء بالبداية ذاتها التي سطرتها في عناوين كتابك،
أنهيت اليوم قراءة كتابك (مذكرات الونس)،
والذي كان من ضمن مختارات تحدي أبجد للقراءة،
قرأت الكتاب في جلسة واحدة،
قرأته على وقع أزيز الطائرات،
والطلقات النارية أسمعها بين الصفحة والأخرى،
تعلمين الحرب لاتزال عندنا في أوجها،
أقرا اليوم لمواجهة الوحدة،
محاولة أن أجد في الكتب آنيسا ومؤنساً،
لقد قرأت أن الكاتبة المفضلة لديك كتبتك،
ماذا لو قلت لك اليوم أنكِ كتبتني،
ارتئيتني بين سطورك،
وإليك ما هو آتي،
وبعض من المتشابهات،
لقد أنهيت كتابي الأول "ذواتا أفنان" قبل الحرب بلحظة،
ولم أتمكن من نشره رغم محاولتي التواصل مع دور النشر،
ولكن الحرب حالت دون ذلك،
وكنت قد عزمت من أيام قليلة البدء في كتابة كتابي الثاني،
الذي يحمل مذكرات الحرب،
وضعت خطوطي الأولى وكتبت العناوين التي اجتاحتني،
واكتفيت،
ولكن ما آثار دهشتي كيف كتبتني،
كيف وصفتني بخوفك ووحدتك وحذرك،
حتى تلك اللحظة التي ابتعدتي فيها عن الكتابة،
هذه أنا الان أهرب مثلك،
أحمل بين ثنايا قلبي خيبتي الأولى،
ليس لان كتابي لم يلق رواجاً فحسب،
بل لم ينشر حتى،
ظل حبيساً داخل حاسوبي حتى اللحظة،
فقدت رغبتي في نشره،
ولكن حروفي لاتهون،
تستحلني عاطفة الأمومة،
وإن لم أنجب أطفالا ولكنني شعرتها تجاه كتابي الأول،
الذي أنجبته من رحم الحياة،
عازمة أن أنجب كتابي الثاني من رحم المعاناة،
ورغم أن الحرب أفقدتني الحياة،
ولكن الكتابة كانت خط الدفاع،
ودرب النجاة،
أتمنى أن تأتي اللحظة التي أسجد فيها وقد جعلها ربِ حقا،
أن تنتشلني حروفي وكلماتي هذه المرة،
أن يلهمني الله الصواب،
ويهيئ لي الأسباب،
ل أكتب الكتاب،
كي لا أنسى،
ذكرتي في كتابك اقتباسا عالقاً،
لا أخفيك سراً ودهشة أنه ذاته الاقتباس المحفوظ في ذاكرتي ومذكرتي منذ سنوات،
“في حياتي القادمة سيمنحني الله بيتًا جميلًا،
لأنَّه يعلم أنني أحب البيوت.
سيمنحني نهارات كاملة من السكينة،
لأنني استهلكت نصيبي من القلق”
لن أسرح بعيداً في خيالي،
ولكن أتمنى لو أننا سنتقابل ذات مره،
حتى أكتب مثل ما كتبتي لقد التقيت بكاتبتي التي كتبتني وكتبتها وكتبنا الحالة نفسها!
ما بيننا بلاد ومسافات،
ولكن لن تنتهي الحكاية،
ربما تحملنا حروفنا ذات مرة،
ونلتقي واقعاً،
كما التقينا بين دفتي كتاب.
أطيب الأمنيات،،
اسمي أفنان، وأحب الكتابة، وأحب من يتقن الكتابة، وأحب الحروف البسيطة، واللغة العميقة.
إلى اللقاء.