اقتباسات من رواية تيريز لا أحد

تتذكرين العبارة التي قرأتها في إحدى روايات والدك القديمة لكاتب يُسمَّى «بهاء طاهر»، كانت العبارة تقول: «عندما تطول سنوات الإنسان في الغربة، يصبح في الحقيقة بلا وطن.»

‫ «الغربة لن تمنحك شيئًا كثيرًا. ستستيقظ ذات صباح على جسد مفرغ من كل الحياة، حتى من إمكانية الحلم.»

‫ واسينـي الأعـرج

يقول القاضي بتأنٍّ وهو يضغط على الكلمات:

‫ أرى بعد هذه المرافعة أنك تستحق حقًّا تهمة جديدة، لكنها ليست التعب، بل اليأس. وأخشى أنك ستُقذَف بسببها في الجحيم السابع.

‫ فأقول:

‫ ليس في هذا العالم يا سيدي سوى جحيم واحد، ونحن فيه الآن.

«أنا متعب من الضجيج، ومحبط أمام العمل اللامتناهي الذي ينبغي مواصلته في هذه الحياة.»

‫ كـــامــو

مضى وقت طويل لم أمارس خلاله هذه العادة. في أثناء إقامتي بالقاهرة، كنت أذهب إلى محطة مترو جمال عبد الناصر، وأجلس هناك أراقب المارة والعابرين. من ملامحهم وتعبيرات وجوههم، أتوقع حالتهم النفسية، وأنسج حكايات عن حياتهم ووجهاتهم.

‫ ذلك الشخص المتأنق المبتسم، الذي تبدو عليه السعادة، لا بد أنه ذاهب لمقابلة حبيبته التي يظن خطأ أنه سيتزوجها. وتلك، التي تجر خلفها ثلاثة أطفال مكفهرة الوجه، لا بد أنها عائدة من بيت والدها لتعد لهم الطعام والغسيل وتلبي طلبات زوجها التي لا تنتهي. أجلس هكذا متسمرًا في مقعدي لساعات طويلة شاردًا في أحوال الناس وقصصهم التي لا تنتهي.

بعكس الأب والأم، عند رحيل الأجداد والجدات، يحدث لك شيء غريب، كأنهم، حين يرحلون، يسلبونك شعورًا له خصيصة فريدة إلى درجة أنك لا تشعر بوجوده بقدر ما تشعر بغيابه. تتأمل تلك الفجوة المنزوية في أحد أركان روحك، فتهتف أن نعم، كان هنا شيء ما. صحيح أني لم أكن أدركه، لكن لا بد أنه كان موجودًا؛ لأن هذه الفجوة جديدة تمامًا. أسمي هذا الشعور «متلازمة ماكينة الري». إنه شعور لن يفهمه إلا أبناء الريف. عندما تتوقف ماكينة الري فجأة فتكتشف، في تلك اللحظة بالتحديد، أنها كانت تعمل، ولكنك، لفرط انتظامها في أداء مهمتها، لم تشعر بعملها إلا بعد أن توقفت.