هذه الرواية مصنفة +18 كما تم التنويه في أولى صفحاتها.
بشكل عام لم اشعر انها مزعجة على الاطلاق الا لو كنت مرهف الحس بشكل كبير تجاه مشاهد العنف. اما بالنسبة لمشاهد البالغين ايضاً ليست على درجة كبيرة من الفجاجة لو كنت تتسائل.
---------------
مقدمه:
انا: - هل تجيد حكي ما استطيع معه صبراً حتى النهاية ؟
الكاتب: - نعم.
انا: - اذن ستجدني ان شاء الله من القارئين.
---------------
رواية عن الفقر وما يصاحبه من انهيار اخلاقي ، مجتمعي وديني كالمعتاد وكنتيجة حتمية فالعنف هو السبيل الوحيد للتفاهم. قرأت مثل هذا من قبل ؟ نعم الكثير من الاعمال الأدبية ناقشت تلك الفكرة على مدار عقود طويلة من تاريخ الأدب. ما الجديد اذن ؟ هل هناك ما يجذبك لقراءة هذه الرواية ؟. في رأيي الشخصي نعم ، ارشح لك هذه الرواية للقراءة. هيا بنا نعرف الأسباب.
* الحبكة *
فكرة الرواية قد لا تكون اهم نقاط قوتها كما ذكرت فى التقديم. نحن نعيش فترة زمنية قديمة في منطقة ريفية حيث الجهل والفقر والمرض ، ثلاثي الموت الشهير. النتيجة انعدام الاخلاق ، الشرف والضمير وبطبيعة الحال لا سبيل سوى العنف. صراع داخلي على مستوى سكان الكَفر حول اللقمة الغارقة في وحل المهانة وبعثرة الكرامة. هناك الحلم الأثير بامتلاك المال بأي وسيلة واستحلال مصدره مهما كان للخروج من عباءة الفقر وبسط النفوذ على من هم أقل شأناً واستغلالهم.
رواية اجيال ؟ هذا صحيح رغم حجم الرواية المتوسط. اعتقد ان هذه النقطة تحديداً هي مع ما قد يجذبك لان تغوص داخل هذا الصراع وان تعيش الأحداث وتلتهم الصفحات لمعرفة النهاية.
* الشخصيات *
هناك الفلاحين الغارقين في الفقر المُدقع ، العمدة المزواج، شيخ الغفر والغفراء ، مأمور المركز والبِك الخواجة صاحب الفدادين الممتدة والقصر المهيب. كلها عناصر تقليدية لا مفر من وجودها في مثل هذه النوعية من الروايات.
ما يميز الشخصيات هنا هو بنائها وخلفياتها بدون اغراق في التفاصيل. كل شخصية تكتشف ابعادها من خلال سير الاحداث. وصف الشخصية جسمانياً ونفسياً وسلوكياً وردود أفعالها يتم في وسط الحدث الذي تخوضه كل شخصية. لا داع لاهدار جهد الكاتب ووقت القارىء بدون داع. باختصار الانجاز هو سيد الموقف.
* السرد والبناء الدرامي للأحداث *
كيف تحكي قصة تبدو مألوفة للقارىء ؟ الاجابة ان تكون حكاء متمكن وتدخل للقارىء من زاوية مختلفة نسبياً لما تعود عليه. هنا بيت القصيد. هذا الكاتب حكاء ماهر يجيد استخدام ادواته. الدخول في قلب الحدث مباشرة ، لا مقدمات على الاطلاق ، ايقاع سريع يأخذك من حدث لما يليه في غضون صفحات قليلة وبدون فجوات تجعلك تفقد الخط الدرامي للأحداث.
السرد الرائع هو سبب اعجابي الاول بهذه الرواية.
* اللغة والحوار *
نأتي لسبب ثان مهم لاعجابي بالرواية. اللغة المستخدمة كانت عبارة عن سياط تجلد الحال الذي وصل له مجتمع القصة من اذعان واهدار للكرامة وقبول اللقمة المغموسة بالذل. تركيبات لغوية لاذعة جداً وفي الصميم وتحمل من السخرية ما يُحدثه وضع الملح على الجرح. هذا هو الاحساس الذي سيصل لك اثناء القراءة.
على صعيد الحوار ، جاء بالعامية الريفية وكانت في محلها جداً وملائمة لزمن وبيئة الرواية.
* النهاية *
على خلفية تتر النهاية لمسلسل ذئاب الجبل:
( ولا بد عن يوم محتوم
تترد فيه المظالم
ابيض على كل مظلوم
واسود على كل ظالم ) جاءت نهاية الرواية حيث اختار الكاتب النهاية السعيدة وانتصار الحق وانزهاق الباطل. يبدو هذا مألوفاً واعتيادياً. شخصياً لا اميل للنهايات السعيدة كثيراً لكن احترم اختيار الكاتب بدون شك.
ختام:
طبعا رواية واحدة لا تكفي - على غرار امرأه واحدة لا تكفي 😁😁😁 - للحكم بشكل واضح وتقييم تجربتي مع الكاتب ، ويحتاج الامر الى المزيد من القراءات حتى تتضح الرؤية لي على الأقل لكن من حيث المبدأ هناك شيئاً ما يشجعني على متابعته مستقبلاً.