"لا يُمكنك القطع باللحظة التي سيتحول فيها الناس من التظاهر ضد لعنة طبية إلى التظاهر ضد لعنة سياسية."
"الوعد والوعيد" رواية للكاتب المصري "محمد علاء الدين" تدور أحداثها في خلال ساعات معدودة، بداخل أحد الحارات المصرية، حكاية تجمع لفيف من أربع أصدقاء يبحثون عن طريقة للثراء السريع لحل أزماتهم الاقتصادية، فيحاولون شق الأرض من أجل العثور على بعض المساخيط بعد تأكيدات عديدة لإمكانية وجودهم الحتمية تحت أرضهم، فهل سيعثروا على مساخيطهم؟
حكاية مُلتفة ومُتشعبة، مكتوبة من فصل واحد طويل، يذهب بالماضي لأحداث غرضها التعرف على الشخصيات الرئيسية، ويعود إلى الحاضر لنفهم تفاصيل المهمة الخطيرة التي يقوم بها الأصدقاء وما يترصدها من مخاطر عديدة، وبسلاسة في الانتقال من زقاق لزقاق ومن حدث لحدث، يحكي الكاتب حكاياته الساخرة -ويُمكن إضافة ثلاثة نقاط أيضاً للكلمة السابقة- والممتعة، المأخوذة من الحواري والقهاوي وما بينهما من أزقة، حكايات يختلط بها الهزل بالجد كأي حارة شعبية تحترم نفسها، عندما تقرأ عن هذه الشخصيات والأحداث ستشعر أنه محض خيال مجنون، عندما تكون من أحد قاطني الحارات الشعبية ستعرف أن كل تلك الشخصيات والأحداث قد رأيت مثلها من قبل مراراً وتكراراً، ولذلك زادت دهشتي وإعجابي بالرواية، فقد تمكنت من نقل شخصيات بطريقة كاملة، تصرفاتها وكلماتها، وحتى الأفراح الشعبية التي لا تخلو من دراما.
الكاتب جريء في طرحه، ونقده، نقل معاناة الشباب من فترة لأخرى، ذكر الطرق الوهمية التي يسلكوها بعدما سُدت كل الطرق الشرعية، وأكثر ما أعجبني أنه على الرغم من قصر الرواية لكن سردها يشي بالكثير، الجمل مكتوبة بحرفية، كنت أقرأ بعض الجمل أكثر من مرة لفهم فحواها وتذوق جمالها، جمل مكتوبة بعناية، وسخرية الكاتب ملموسة وفعالة، وعندما نصل إلى النهاية نجد أن الكاتب في جعبته أكثر من ذلك.
ختاماً..
من الروايات الحديثة التي أدعي أنه بمرور الوقت ستحظى بشعبية لا بأس بها عند القراء وبالأخص المصريين منهم، حكاية من داخل الحارة المصرية بتشعباتها الهائلة التي تمتد من فلسفات عميقة إلى خرافات ضحلة.
قراءة أولى للكاتب مشجعة للقراءة له أكثر مُستقبلاً، وبكل تأكيد يُنصح بها.
3.5/5