يمكن المرة دي حاجة خارج الصندوق شوية ، رواية من أدب المهجر ، أشار عليا بها صديق عزيز جدا ...
"نبض جنين"
العنوان جميل ، حي، رشيق ، فيه روح ، اختيار موفق ، وكأن الكاتب ضرب عهدا مع القارئ ألا يجعله يمل ، وكأنه طلب منه ضمنيا أن يظل بجانبه لأنه سيشركه في رحلته ، فاستخدم نبض وهو لا يتوقف إلا بموت ، أما جنين فهو لكثرة الحركة ، وهذه الكثرة من الجنين تحبها الأم رغم أنها قد تؤرقها ، فكان هذا العنوان بمثابة ميثاق ضربه الكاتب مع قارئه.
خلينا نتكلم عن الرواية ككل هي حلوة ، خفيفة ، مرحة و فيها حركة طول الوقت ، الكاتب طيفه خفيف ، وقلمه جميل ، قادر يجعل القارئ حاضر معاه في الصورة بل هو جزء منها ، نهاية مفتوحة لتؤكد وجهة نظر الكاتب ، وعهده مع القارئ طول رحلته في الرواية أنك شريك ، متروحش بعيد ، أنت رأيك مهم ، أنا ككاتب مش محور كل حاجة ،جئت لعرض فكرة وبعد آخر، لن أطلق أي حكم سأتركه لك، حتى الرواية نفسها ، البطل فيها مش محور كل شيء طول الوقت ، البطل رغم إن قصته هي المحور لكنه لم يكن طول الوقت حاضر ، بل أحيانا يتغير ، فكانت الفكرة -حلم الأمومة - هي البطل في الحقيقة ليس الشخص نفسه ، ودا حرر القارئ كتير ، حرره في الحكم ، حرره من التعاطف الحاد ، حرره من وقوعه في أسر شخصنة الفكرة ، ترك ليه مساحة يقيس الموضوع وفق لما يراه من خلال ثقافته ودينه ومبادئه ، وهنا بيتعامل مع القارئ إنه (Adult reader) ، قادر يشوف ويقيم ويوزن ويحكم، قادر يفصل بين الفكرة والشخص والسلوك مش بنأكله الحلول بمعلقه ، لا عليك اتحرك فكر أقف شوف، لوتعرضت لحاجة زي كدا هتشوف ازاي ؟! ، ومن هنا كانت تيمة الرواية متمركزة حول القارئ لا الكاتب .
(reader - centered not writer - centered)
- الكاتب ، مرن ، روحه حلوة ، متنوع الثقافة ، قادر يجمع في الرواية بين كل طوائف المجتمع تقريبا ( المثقف والجاهل - المنفتح - والمتمسك بالعادات - المتدين و العادي والملحد ) .
- المحتوى الخفي (hidden curriculum) في الرواية حلو ، حلو جدا محتاج قارئ مصحصح وعنده سعة صدر ، مش قارئ متسلط وحاد ، لأن الكاتب قدر يولف بين وجهات نظر مختلفة ، المسيحي والمسلم والريفي والحضري والمثقف والجاهل والرجل و المرأة والشاب والكهل والمقيم والمجاهر ، قدر يضيف جانب من التربية وإساءاتها لاسيما في مرحلة الطفولة وأثرها على الطفل لما يكبر ، شوفنا معاه الصداقة شوفنا تداخل الثقافات ، فالتنوع جعل الرواية حية معظم الوقت ، لا أنكر إني لحقني قدر من الملل أحيانا لكن كانت فترات قصيرة متفرقة سرعان ما كسرتها حدة الشغف للوصول لما بعدها.
* في الرواية مشهد أو اتنين- مش فاكر -الكاتب أفرط في الوصف فيهم حبتين ممكن تعديهم عادي ومش هيأثر علي السياق خالص
* لا أحبذ إنها تدخل تبقى عمل فني ، هي كدا حلوة ، شايف إنه هيخرجها من محتواها ، دا يمكن اللي أشار ليه عم الأدب نجيب محفوظ وأيضا د أحمد خالد توفيق: ( قالوا: إن الكاتب مسئول عما كتبه ، لكن العمل الفني هو رؤية المخرج).
في النهاية تجربة لطيفة ، مش عارف إذا كانت ممكن تتكرر ولا لا ، لكني استمتعت بيها ...