الكتاب الثامن والعشرون / 2024
عن فلسطين - On Palestine
أيلان بابيه – نعوم تشومسكي Noam Chomsky, Ilan Papé
""هناك حكمة يهودية تقول: من يفقد مفتاحه فعليه أن يبحث عنه حيث فقده، لا حيث يوجد نور. بأكثر من شكل، تشبه العملية التي يطلق عليها «عملية السلام»، والتي تقوم على أساس حل الدولتين، البحث عن المفتاح الضائع تحت أنوار الشوارع؛ في حين ان المفتاح في مكان ما بعيد""
""الوضع مختلف في جنوب إفريقيا؛ لأن البيض كانوا بحاجة السود. كان السود عبارة عن قوى عاملة. كانوا يريدون للسود أن يتطوروا من أجل تحسين وإعادة الإنتاج، ومن أجل الاعتراف الدولي أيضًا. لن يكون الأمر مشابهًا في حالة إسرائيل بالرغم من وجود بعض التشابهات. ما ذكرته سابقًا — قبول إسرائيل بأن تكون منبوذة دوليًا، ما دامت الولايات المتحدة تقف في صفها، هو الموقع نفسه الذي كانت تقف به جنوب إفريقيا. لهذا السبب أكتب في كثير من الأحيان -منذ السبعينيات- أن ❞ الناس الذين يدعون إلى مناصرة إسرائيل هم في الحقيقة مناصرون لسقوطها الأخلاقي، وربما لتدميرها الذاتي أيضًا""
كتاب عن فلسطين الصادر حديثا في ترجمة عربية عن منشورات جدل للمترجم سالم عادل الشهاب، بعدد صفحات 238 : لا تكمن اهميته في ترجمته بل في تقديم حلولاً ومعالجاتٍ للقضية الفلسطينية ، بل حتى في تحليله واقعَ النزاع داخل المجتمع الإسرائيلي وصراعاته الطبقية؛ كذلك تكمن أهميته في عرضه مقاربةً بين الحالتين، جنوب الإفريقية والفلسطينية، على أنهما قضيتا صراع ضد الإمبريالية وأنظمة الفصل العنصري؛ كما يشارك كلاً من تشومسكي وبابي تجربتهما داخل المجتمع الإسرائيلي وخارجه، وأهم التحولات التي طرأت على الرأي العام -الأمريكي بشكلٍ خاص- في السنوات الأخيرة؛ بما في ذلك الأوساط الأكاديمية التي تبدو أكثر تقبلًا للطرح المناهض لنظام الفصل العنصري من ذي قبل.
غزة الجميلة : صدر الكتاب في هذا الوقت والوطن يعيش ماساة كبرى من الابادة والجيتو البشع حيث التطهير العرقي بحق غزة الجميلة التي ارادت الحياة فاختاروا لها الموت ، فاكتشاف والحديث عن ما يجري على الأرض من ممارسات لا يمكن أن توصف إلا بكونها مشروعا للتطهير العرقي باستخدام كافة وسائل العنف والدموية التي يمكن تصورها، والتي جاءت الابادة الأخيرة في غزة لكشفها بشكل واضح ، وبثتها وسائل الإعلام وتناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي بكل ما تضمنته المشاهد من القتل المجاني لكافة الفلسطينيين بلا تمييز، وقصف البيوت والمشافي والمعاهد العلمية ودور العبادة، إضافة إلى تقييد الحريات والاعتقالات التي لم ينج منها حتى الأطفال، ثم منح المستوطنين كافة سبل إرهاب المواطنين الفلسطينيين في أرضهم بدعم كامل وحماية من جيش الاحتلال، مع الإصرار على منع دخول المساعدات، لتأكيد تجويع الشعب الفلسطيني في غزة، في تحد صارخ لكافة القوانين والمواثيق الدولية للسلام والأمن العالمي وحقوق الإنسان
يرى إيلان بابيه، أننا في تطلعنا للمضي قدما في طرح حلول القضية وإرساء العدل الذي يضمن عودة الحقوق المسلوبة للفلسطينيين، لا بد أن نعيد تأمل الماضي باستخدام المصطلحات الأكثر صوابا وقدرة على توصيف حقيقة ما جرى، بالقول أنه «من المهم جدا أن نصف ما حدث للفلسطيين في 1948 على أنه جريمة وليس بوصفه مأساة أو كارثة فحسب؛ إذا كنا ننتوي تصحيح ما جرى جراء هذا الشر.
مبادرة لجمع كاتبين من الناشط البلجيكي فرانك بارات لهما رؤية اثنين من أنزه المفكرين الغربيين الذين تأتي القضية الفلسطينية بين اهتماماتهما المركزية وهما نعوم تشومسكي وإيلان بابيه، ولأنهما في هذا البحث والحوار المتبادل بينهما لا يكتفيان بماضي وتاريخ القضية، بل يمتد ما يتناولانه لطرح حلول أو معالجات للقضية الفلسطينية بناء على تحليل النزاع داخل المجتمع الإسرائيلي وصراعاته الطبقية من جهة، ومن خلال استعراض مقاربة بين الحالتين الجنوب إفريقية والفلسطينية، بوصفهما قضيتا صراع ضد الإمبريالية وأنظمة الفص العنصري، من جهة أخرى
فلأسباب شخصية، وبعد تقاعده ، يقول بارات (أدت القراءة والشعور بالاستنارة من خلال الكتب دورا كبيرا في تغيير نظرتي للحياة، والمعاني التي تحملها. بدأت بقراءة تشومسكي، ومن ثم أصبحت ببطء مهتما بأي شيء يتعلق بإسرائيل/ فلسطين. أصبحت قراءة إدوارد سعيد، ومحمود درويش، وغسان كنفاني، وجون بيرغر، وتانيا راينهارت، وإيلان بابيه، ونورمان فنكلشتاين، ونعوم تشومسكي، وكيرت فونيجت،جزءا من روتيني اليومي.
وفي عام 2008 قام بمراسلة كل من تشومسكي وإيلان بابيه للعمل على إصدار كتاب معه أسفرت عن كتاب "أزمة غزة: تأملات في الحرب الإسرائيلية على فلسطين" والذي نجح في لفت الانتباه بشكل واسع، وترجم لعدد من اللغات. لكن الطبيعة غير التفاعلية للنقاش الذي تضمنه الكتاب جعل بارات متحمسا لكتاب آخر لا يتضمن ، فقط، الأفكار النظرية وتوجيه أسئلة لكلا المفكرين يجيبان عليها بشكل غير تفاعلي، بل وبتفعيل إجراء حوار مباشر بينهما حول عدد من القضايا المحددة، وهو بالفعل ما منح الكتاب نوعا من الحيوية وإثراء الأفكار وكذلك المزيد من التوضيح أو طرح الأمثلة التي توضح الفكرة أكثر من خلال تفاعل الحوار.
الكتاب
يضم الفصل الأول شرحا من إيلان بابيه لخطة النقاش التي ستدور بين الأطراف الثلاثة على مدى صفحات الكتاب:حيث تحدث ايلان عن خطة الحوار " حين جلست أنا وفرانك بارات مع نعوم تشومسكي لنقاش طويل عن فلسطين، قمنا بتقسيم النقاش إلى ثلاثة أجزاء: نقاش عن الماضي، وتركيز على فهم الصهيونية بوصفها ظاهرة تاريخية، ونقاش عن الحاضر؛ مع تركيز مكثف على صلاحية واستحقاق تطبيق نموذج الفصل العنصري على إسرائيل وعلى فعالية حركة المقاطعة BDS بوصفها استراتيجية رئيسة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وأخيرًا في الحديث عن المستقبل، تحدثنا عن الخيار بين حل الدولة الواحدة وحل الدولتين. كان المبدأ الرئيس لهذه الاجتماعات هو مساعدة بعضنا في فهم وتوضيح وجهة نظر الآخرين، على ضوء الأحداث التي تجري في الإقليم كله، وليس في إسرائيل وفلسطين فحسب. افترضنا أن يتفق العديد من القراء على أن وجهة نظر تشومسكي تجاه القضية الفلسطينية - خلال هذا المنعطف التاريخي المهم تعد مساهمة مهمة لأي نقاش حول القضية. نتمنى أن يساهم هذا الحوار في توضيح القضية الفلسطينية مسلطة الضوء على التحول الممكن من خلال حركة التضامن مع الفلسطينيين، مع تطبيقات واسعة للنضال من داخل إسرائيل/فلسطين».
وبعد أن يقوم بابيه بشرح عدد من القضايا المهمة التي وجد أهمية طرحها خلال الحوار من أجل المزيد من الفعالية، وبينها أهمية اختلاق معجم جديد مبني على فهم واقعي لحقيقة الوضع على الأرض، وتخليصه من المصطلحات الملتبسة التي فرضتها الحركة الصهوينية لإبقاء الوضع على ما هو عليه."
بعد هذا الشرح المستفيض تبدأ الحوارات في ثلاثة فصول
الماضي، الحاضر، ثم المستقبل، ويليها فصل بعنوان «داخل إسرائيل» وبه حوار حول الداخل والكيفية التي تغيرت بها رؤية المؤرخين الإسرائيليين للحقيقة بعد ظهور تيار المؤرخين الجدد (بينهم إيلان بابيه) الذين أعادوا قراءة التاريخ وفق أدوات أكثر منهجية تسببت في تبين الكثير من الحقائق التاريخية، وزيف الكثير من الرواية الصهيونية المعتمدة، قبل أن يختتم الكتاب بقسم ثاني مستقل بعنوان انعكاسات يتضمن مقالات، كل منها في فصل مستقل.
حول الماضي والحاضر والمستقبل
في صلب القسم الأول من الحوارات المشتركة الذي يحمل عنوان «الماضي»، ينبه كل من إيلان بابيه ونعوم تشومسكي إلى الكيفية التي ينبغي بها التعامل مع الماضي، إذ يقتضي تصويب المصطلحات من جهة، وتعديل الأوضاع التي نتج عنها هذا الماضي من جهة أخرى، بمعنى النظر للنكبة على أنها خطأ تاريخي ينبغي على إسرائيل الاعتذار عنه، وتغيير الأوضاع التي انبنت عليه وبينها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وحق زيارة أهل فلسطين لبلادهم وقتما شاءوا.
ويتدخل تشومسكي في الحوار مشيرا أن الدول التي تقوم بالاحتلال تريد أن تغض الطرف عن جرائمها باعتبارها جزء من ماضي تم تجاوزه أو لا بد من تجاوزه، ويستشهد بمقولة لأوباما يقول فيها أننا يجب أن نتغاضى عن غزو العراق ونتجاوزه لكي نمضي للأمام، ويرى في ذلك تبرير القوة في دفاعها عن خطاياها.
ويأتي ذلك إضافة لما كان بابيه يوضحه بالقول: «في صلب هذه النظرة، هناك خطة للسلام تصر على إقصاء الماضي من المعادلة يدعي وسطاء السلام هؤلاء أن الماضي «ذا الصلة والأهمية المباشرة بالقضية هو النقطة التي يجب أن تبدأ عندها عملية السلام. ليس مهما ما حدث قبل ذلك لعملية السلام؛ لذا إن كانت هناك مستوطنات يهودية ضخمة في الضفة الغربية، فلا يمكنك التفكير في إزالتها. بإمكانك التفكير في عملية تبادل الأراضي؛ لكن لا يمكن التفكير في إزالتها فحسب. لذلك إن الماضي يعد عقبة لعملية السلام حسب المدعوين بوسطاء السلام في حين أن الماضي هو كل شيء في عيون المحتلين والمقموعين
ما الصهيونية؟يأتي الاهتمام بتعريف الصهيونية كجزء رئيس في فهم الماضي وهو ما يجعل فرانك بارات يزجه سؤاله للطرفين قائلا:صارت الصهيونية كلمة متعددة التعريفات والتأويلات حتى لم يعد بعض الناس يعرفون ما تعنيه، هل يمكنك تقديم نظرة عامة عما عنته هذه الكلمة تاريخيا ؟
ويجيب إيلان بابيه إن أكثر هذه التعريفات حيادية هو أنها أيديولوجية، إن الصهيونية مجموعة من الأفكار التي تلهم الناس لارتكاب أفعال معينة والتصرف على أساسها. ولكن المهم بالنسبة إليه هو الكيفية التي تفسر فيها الصهيونية من قبل الأشخاص ذوي النفوذ، وأقل اهتماما بالكيفية التي يفسر بها المثقفون الصهيونية. ويضيف: «إنني مهتم بالصهيونية بوصفها أيديولوجية؛ لها تأثير على حياة الناس على أرض الواقع. كانت وما زالت الصهيونية أيديولوجية منذ بدء المشروع الصهيوني في فلسطين حتى الآن؛ أيديولوجية تعني بكل بساطة أن اليهودية بوصفها حركة وطنية لديها الدافع والحق في الحصول على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، وبأقل قدر ممكن من المواطنين الفلسطينيين فيها. تم فرض هذا الواقع بوصفه شرطا مسبقا من أجل خلق مجتمع يهودي جديد». أعتقد أنه بعد مرور السنوات - حين تكون هناك مؤسسة على شكل دولة تقبل بأيديولوجية مثل هذه على أنها أساس أخلاقي تقوم عليه - ستؤدي الأيديولوجية دورًا أكبر في حياة الناس.»
متغيرات عالمية جديدة والحقيقة أن هذ الكتاب بالفعل يطرح العديد من النقاط بالغة الأهمية التي لا تعني المهتمين بحل القضية فقط، بل وكذلك لكل الباحثين عن حقيقة ما يجري في فلسطين، ومحاولة تحليل الكثير من آفاق المستقبل في ضوء التغير الحادث منذ الثمانينات في الأوساط الأكاديمية الأمريكية، والذي بدا ملاحظا بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. وكيفية خلق قنوات جديدة للضغط على متخذي القرار.
كما يكشف الكتاب أيضا كيف أن نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وفقا للوثائق التي أفرج عنها مؤخرا، وبينها رسائل بين إدارة الفصل العنصري والولايات المتحدة أن الأخيرة كانت تدعم هذا النظام بشكل كامل، بلا شرط أو قيد، منفردة وهذا كان أحد أبرز أسباب استمرار الفصل العنصري الذي لم يتهاوى إلا بعد أن اضطرت أمريكا للتخلي عنه، ويرى الكاتبان بابيه وتشومسكي أن هذا السيناريو مرجح للحدوث في القضية الفلسطينية مستقبلا بسبب الأزمات الأخلاقية التي يتسبب فيها الدعم غير المحدود من قبل الإدارة الأمريكية إلى الاحتلال الصهيوني.
بطبيعة الحال، وبين الحدث