ليس أقسي علي المرأ من سكرات الحب، الحب لذاته فعل عفوي جداً لا تحده قوانين ولا تُخضعه أعراف، شعور جامح ليس له سبب ولا علي مُعتنقه عتب، هذا بالأصل، لكن مع تشكل عقلية الإنسان ووعيه يوضع لكل شيء في حياته مسار، حتي الحب بمعناه الواسع يقع تحت حدود كلمة مناسب، فلكي تخوض تجربة حقيقية لابد من اكتمال عواملها المنطقية كي تكون مناسبة للتجربة.
والمنطق والعقل ما إن يحلها علي المشاعر وبراح القلوب يُضيقانها ويُفسدان أثرها الرقيق الناعم، ولكنها سنة الحياة وإرادة القدر، أن يهوي الإنسان بشكل ما شخص من غير الممكن أن يصل إليه ولا أن يكونا معاً إلا خفيه.
في البداية أُحيلت الكلمات إلي قصة محمود درويش وريتا وفكرة الصراع في الاختيار بين الحب والوطن، معركة مُنهكة لا منتصر فيها، لأن المُقاومة فيها بين الفعلين خاسرة.
وليس المقصود هنا في العمل هو تناول القصة بمفرداتها وتفاصيلها التي لا نعرف عنها الكثير - أقصد عن درويش وريتا - وإن كنت شككت في بعض الأوقات أنها قصتهم رغم اختلاف الأسماء والتوقيتات والأماكن، ولكنها تظل عملاً موازياً لنفس الفكرة بمعني أوسع وأدق وبحكايات تضعك في قلب الحالة نفسها بوقع أحداثها وشتات أبطالها.
الحب حالة مُتفردة عبثية مجنونة نافذة، عندما يدق قلبك لا اعتبار لأي شيء آخر لأنه فعل تلقائي بحت، ليس لفارس ذنب في أن يتعلق قلبه بامرأه يهودية، وليس لفيروزة ذنب أيضاً في أن توجد بقدرها وهيئتها ودينها المختلف.
طالت معركتهما مع نفسيهما للإبقاء علي هذا الحب ومحاولة الحفاظ عليه من رفض الكبار له ولامنطقيته، هُزِموا جميعاً بفعل الوقت والظروف والأحداث، نالهم الشتات رغم التقاء قلوبهم علي العهد، لكن شيئاً ما ظل يربط بينهم مهما تباعدت السنون.
لم تُغفل الكاتبة عن سياق الأحداث نظام التربية الممنهجة التي يُجبر عليه أي يهودي حتي وإن لم يكن إسرائيلياً ولا يتفق مع سياساتهم، الايذاء الشديد لمحاولات التجنيد الإجبارية التي حدثت مع فيروزة خير دليل.
في حين أن الكثير من اليهود الذي عاشوا في مصر كانوا مطمئنين، كانت هي وطنهم وأرضهم وملاذهم قبل أن تقوم دولة الكيان لتُنكل بهم وتوصمهم بالعار نتيجة أفعالها المشينة، لا يهتم أحد الآن بالفرق بين الصهيوني واليهودي فكل القابعين خلف علم النجمة الزرقاء ويقطنون أرضها المُغتصبه من غيرهم ملاعين.
كل شيء حدث في سيناء، في حضرة الأجواء البدوية التاريخية الشاهدة علي صراعاتنا مع اليهود، والتي كانت حميمية خاصة بين فارس وفيروزة ونتج عنها تخليد حبهم بوجود سينا ابنتهم.
أن تُعزل بشكل كامل عن ماضيك الذي يكون نقطة ضعفك المجهولة والتي مهما حاولت النبش فيها لا تصل لشئ هذا إن تركوك تبحث بالأساس، حيرة كبيرة أن ينتظر للمرأ علي أنه متهم بما لا يعرف ولا سبيل له حتي للمعرفة أو الوصول.
شتات أفكار، مصائر مُتشابكة لقلوب حائرة بعد أن اطمئنت لوجود نصف قلبها الآخر لم تسلم من تقلبات الحياة وظروفها القاسية التي أفقدتها هذا الحب وهذه الراحة والأمان.
رغم أن الرواية قائمة علي فكرة ليست بالجديدة إلا أن شخصياتها رُسمت بشكل جيد وتقسيمات فصولها كانت مناسبة وسياقات المشاعر وأسلوب الحكي كُتبت بطريقة توضح الفكرة وتشرح معاناتها وتجسدها بشكل كبير.
وفي النهاية دائماً يكون للقدر كلمته في كل شيء حتي فيما تتعلق به قلوبنا، الحب مغامرة ملعونة مهما اعتقدت أنه اي شيء غير ذلك.
❞ مَن صدق العزم يصل ولا يُوقفه شيء ❝
❞ بعض الأشياء لا تستطيع الكلمات أن تصوغها. ❝
❞ يقولون إنَّ الشوق الذي يسكن باللقاء لا يعول عليه، فما بالكِ لو كان الشوق مشتعلًا واللقاء محرَّمًا؟ ❝
❞ إنَّ السكينة لا تعرف قلوب المحبين، قلوبنا مضطربة أبدًا حتى تسكن حبيباتنا في أضلعنا وتتنفَّس، وعندها يسكن القلب وتشتعل الروح. ❝
❞ علَّمتنا الحياة بقسوة أن نقتنص قليلها ونرضى به قبل أن تسلبه منَّا الأقدار والظروف والحروب الخرقاء ❝
#مسابقة_قراءات_قبل_المطبعة.
#دار_الرسم_بالكلمات.