ظل روح ميتة، سفيرًا لجهنم على أرض كلكتا
كما أن الأرواح الهائمة مرهَقة، تكون مرهِقة كذلك!
هكذا كان جافاهال الذي ظلت روحه تتقد نارًا كما كانت أنامله المتقدة تحرق كل ما يمتد إليها!
بدأ كارلوس زافون روايته بمشهد ظلامي يكسوه الضباب لظابط بريطاني يدعى الملازم مايكل بيك وهو يحاول إنقاذ توأم حديث المولد من براثن الوحش الذي أراد الفتك بهم وتركهم للوحشة والظلمة الحالكة واكتساب روحهما فيما بعد ليمتد ظله المريع في جسدهما، ما كان يظن جافاهال أنه توأم من الأساس، كان يظن في البدء أنه رضيع واحد.
وقد وقع مايكل بيك فريسة سفير جهنم بعد أن أتم مهمته السامية ووصل بالرضيعين إلى منزل السيدة العجوز " أريامي بوز"
وقد شلتها المفاجأة كما قيدتها قلة الحيلة، لكن في النهاية اتخذت قرارها بأن لا ينبغي أن يبقى التوأم سويًا، هذا أسلم الحلول للحفاظ على حياتهما، واستترت بظلمة الليل وضبابيته لتصل إلى ميتم سان باتريك لتضع سلة بها رضيع واحد وسلسلة ذهبية ورسالة تشير إلى شخصها موجهة للعزيز توماس باتريك مدير ميتم سان باتريك، والذي كان صديقًا مقربًا لدى زوجها الراحل.
قبل توماس الطفل بكل سعادة وإنما يحيطها المخافة، كان يخشى تعلقه بكل نزيل في المؤسسة خشية فراقهم بعد إتمامهم للعمر القانوني للخروج للمجتمع، في عمر الستة عشر.
إلا أن زيارة مفاجأة ومقبضة لشخص متشح بالسواد قام بها للميتم جعل قلب توماس يهوى في قاع معدته!
ومع الوقت نسى توماس تلك المقابلة، أو ربما تناساها.
كبر Ben يتيمًا بين من يشابهوه وصادق بعضًا من اليافعين أصبحوا كنادي كشافة للشبيبة معلنين فيما بينهم أعظم قوانينها ( الكل للواحد والواحد للكل) وأعطوا ناديهم اسمًا
فقد كان يسمى بنادي شوبار!
وكان قصر منتصف الليل مقرهم اليومي لتبادل الحكايا!
بن، سيث، سراج، مايكل، روشان، يان، ايزوبيل.
فريق من سبع يافعين، لكل منهم اهتماماته ومواهبه التي تميز فيها، ستة ذكور وفتاة.
وكان يان الصديق الأقرب لقلب بن، وعلى لسانه سُردت أحداث الرواية.
ظلوا يمرحون في ظل جدران الميتم الذي احتضنتهم جدرانه كما تحتضن الأم الوليد، فلم يكون لديهم من يحنو عليهم سوى مدير الميتم والعاملين حتى وإن قسوا عليهم في بعض الأحيان ليصبحوا أكثر جدية وانضباطًا، إلا أنها لا تماثل قسوة الحياة أبدًا ولا تقارن بها في الأصل.
انقلبت حياة السبعة، لا عذرًا
انقلبت حال الثمانية!
في تلك الليلة الموعودة التي أكمل فيها بن العمر الرسمي لخروجه للمجتمع حسب القانون وفي حفل مهيب قد أقيم خصيصًا للسبعة أفراد أعضاء نادي شوبار لإتمامهم عمر الخروج. قد أتت تلك المرة أريامي بصحبة فتاة رقيقة في مثل عمرهم، وقد طلبت مقابلة توماس وتتوالى الأحداث بعد أن يصاب توماس إصابة خطيرة ليطلب من بعدها وهو على فراش الموت أن يعرف بن حقيقة الأمر من أريامي.
وهناك تبدأ أريامي قص الحكاية منذ البدء.
حين دعيت كيليان ابنتها بأميرة النور حتى تزوجت من المهندس العبقري الواعد والكاتب الروائي (لافاهاج) وكيف انتهت حياتهما القصيرة إلى نهاية في شدة الحزن.
لينقلب معها حال التوأم بعد هذه الليلة ، بل بالأحرى حال كل من له صلة بهما وهناك في جهنم الواقعة في شبح محطة جيتر المحترقة كتبت فصول حياتهم، فمنهم من أنهته الأحداث ومنهم من أكملها وظل ما حدث في تلك الليلة في محطة جيتر سرهم الذي لم يفضوا به لأي شخص مهما كان.
من قرأ لكارلوس زافون من قبل يعلم قدرته على نسج عالم موازي بكل مفرداته يحيط بك أثناء قراءتك.
أسلوبه بديع وسلس، وتميز بقدرته على تجسيد خياله الخصب أمام عينيك، فتجد نفسك يم ترى الأحداث والأماكن والأشخاص رؤى العين.
رواية كتبت لليافعين تصلح للقراءة حتى عمر التسعة والتسعون!
استمتعت كالعادة بكتاباته التي تمنيت سرًا مرارًا ومرارًا أن يكتشفوا المزيد منها ليترجمها السوري الواعد والمتمكن معاوية عبد المجيد، ليكسب نص كارلوس الأسباني وخيالاته
حياة نابضة بالعربية ليتسنى لي ولغيري الاستمتاع بها.