اقتباسات من رواية مَنّا : قيامة شتات الصحراء

هذه الإبل لم تكن تحمل متاعنا في هجرة الشتات فحسب؛ إنما وطننا المتأرجح على سنامها.

من فضائل معادن النساء الحسناوات، أفول نجم الإبهار بهن، لا يخبو سريعا.

حين يفقد الإنسان صحّته ويخونه جيبه، لا شيء يشغله داخليا ويقارن ذاته بالآخر؛ كالخواء والامتلاء في الصحّة والمال؛

يطلق أهل التهريب بصحراء تينيري، مصطلح مسعودة؛ على الغراب الأسود، لكونه الكائن الوحيد، الذي قد يصادفك في هذه البراري.

‫ فاماميستْ أكراد معارضون بتركيا قالوا؛ إن دعم صدّام حسين لحسين حبري، كان رد كيل الصاع صاعين، على دعم القذّافي لإيران خلال حربها الداحس الغبراء مع العراق.

الجيوش هنا، مبنية على مدار عقيدة شخص واحد هو؛ القذّافي لا أقل ولا أكثر. من الطبيعي أن تكون هشّة، ويصيبها الوهن في حلبات القتال، رغم أرمدة العتاد والإمداد برّا وجوّا؛ لكن نسيَ هؤلاء القذّافيون؛ أن الجانب النفسي، وإيمان الجندي المقاتل

ليس أشدّ على المرء، من مغادرة مضارب طفولته قهرا

أما الموت، فلا أحد نجا أو سينجو منه، إن لم يكن في العاجل ففي الآجل.

والمعروف عُرفا كالمشروط شرط

الأعمال الخدماتية المتمدّنة هنا، لا صلة لنا بها، ولا نقوى عليها صراحة، لغلبة طبع البداوة علينا، حرفتنا الوحيدة التي تعلّمناها في أزوادنا، هي الرّعي، وفقدناها بانقراض مواشينا بتلك الربوع والمضارب.

صراحة سبب هجرتي لليبيا؛ أن الأمر هنالك مختلف بالمرّة؛ يضيف بادي. القذّافي تبنّانا شُهرة معلنة غير مستورة، وعدنا بإقامة دولتنا الموعودة بالأزواد، أدخلنا الجيش، فتح لنا معسكرات التدريب، أي والله. بعد أن مُنحنا بطاقة (بناء) بواسطة الأشقاء الموريتانيين المرابطين بليبيا

رغم المساجلات بين المتفاوضين لم ينكسر عود القائد ولا المبعوثين

ما جعل اليأس يدب فيهما

في الحقيقة لم يكن القوم يحلمون بشحوم هذا الفوز الرائع

وإن قدروا الظفر بلحومه ما جعل معنوياتهم ترتفع

بمعسكر ٢ مارس ضواحي العاصمة طرابلس، المخصّص لتدريب الإزواديين بليبيا، الله أعلم اسم هذا الحسّاني؛ البَكّايْ، التقينا به، بعد رجوعنا من معتقل أنصار، والتحاقنا بهذا المعسكر، وجاء سهمه في محاصصة القذّافي، ضمن إرسالية بعض الأزواديين، الذين دخلوا معسكرات التدريب .

البامْبارَة، وهي لغة سوادين مالي، عندما سأله ذلك الجندي، عن أخبار تنقارة القريبة أعاد خالي جزءا من لثامه إلى أنفه، وقال للجندي؛ لا شيء يذكر في تنقارة وما دونها من بوادي تيلمسي، سوى أخبار موت البشر وهلاك المواشي، الكل يلوذ بالفرار

لاشيئ يدفعنا للتشبّث بأهداب هذه الحياة الرثّة ،سوى الأمل والحلم

قالت لي ذات مرة بلساننا التارقي؛ (ما فلْ ترهيدْ أكي أنْ أناتماكْ هركوكْ؟) كأني بها تسأل؛ لماذا تصطنع الذهاب لخالك دائما؟

‫ جدّتي تعلم مرضي وصيدليتي، لذلك عادة ما تبتسم لي، وتخلي لنا المكان،

المعضلة ليست هنا، (بُوهْ).. (بُوهْ).. كما يردّد أولاد حسّان في نفي الأشياء، لعلّ تشبّث القوم بأطلال خيامهم المهترئة، ومراعيهم الهشّة في أتّون رماد المُلمّة؛ آئِب لسريان دم حبّ الصحراء في عروقهم، وهذا هو المظنون.

ما تبقي من الحمير بصحاري تيلمسي، أضحى عملة نادرة في بورصة هاجس الرحيل، صحيح أن الإبل نجا بعضها لكن الأطفال و النساء و بعض المسنين لا يقوون على صعودها.