"لم أستطع قط أن أتعلق بأحد على وجه خاص، ولم أحتج قط إلى فورة الآخرين العاطفية، ولا أدري ما إن كان ذلك لخيري أم لشري. ومع ذلك، شعرت في الأزمنة الأولى ببعض الضجر وبعض اللذة في آن واحد، بأن أكون وحيداً."
التجربة الثانية لي مع الكاتب الأوروجواياني "ماريو بنديتي"، في رواية قصيرة عن قصة حب ثلاثية متشابكة ومُعقدة بين رجلين وامرأة، يرى كل كل ضلع من هذا المثلث أنه لولا وجوده لما قام المثلث من الأساس، وأنه لا قيمة لطرفين معاً دون الثالث، ومن خلال ثلاثة فصول نتعرف على طبائع الشخصيات وتصوراتهم للآخر وللحياة، بسرد مُتشابك ومُعقد ويغوص في التفاصيل الدقيقة البشرية، ويغرق بالتحليلات النفسية، والضبابية المُسيطرة حول كل شيء، الكل يخاف أن يتحدث عن الفيل في الغرفة، حتى أن الفيل يكاد يدهسهم ولا يبالون.
ولكنني أحببت هدنة بنديتي أكثر، فالرواية "من منا؟" ينفصها العديد من العوامل، لتصبح رواية مُتماسكة، والترجمة أيضاً زادت من حيرتي حول السرد، هناك مشكلة ما في الترجمة، لقد قرأت لماريو بنديتي من قبل، ولم تكن هذه لغته على الإطلاق، اللغة تشعر بأنها قديمة مليئة بالغبار، وبعض الجمل قد تتوقف عندها مراراً وتكراراً دون الفهم! ولكن لندع مسألة الترجمة عند المتخصصين، فالرواية نفسها لم يصلني منها شيئاً وفقدت التواصل معها، على عكس رواية "الهدنة" التي أحببتها ووجدتها رائعة.